عليهم أبا الحسن الهرغى فلما قدم عبد المؤمن على إفريقية سنة أربع وخمسين راعى له ذلك وأقطعه واندرج في جملة الناس وكان بقلعة ورغة بدوكس بن أبي على الصنهاجي من أولياء العزيز المنصور صاحب بجاية والقلعة قد شادها وحصنها وكان مبدأ أمره ان العزيز تغير عليه في حروب وقعت بينه وبين العرب نسب فيها إلى نفسه الاقدام والى السلطان العجز فخافه على نفسه ولحق ببجاية فأكرمه شيخها محمود بن نزال الريغي وآواه وترافع إلى محمود أهل ورغة من عمله وكانوا فئتين مختلفتين من زاتيمه احدى قبائل البربر وهما أولاد مدني وأولاد لاحق فبعث عليهم عد وسكن بن أبي على لينظر في أحوالهم وأقام معهم بالقلعة ثم استجلب بعض الدعار كانوا بناحيتها وأنزلهم بالقلعة معهم واصطنعهم وظاهر أولاد مدني وظاهرهم على أولاد لاحق وأخرجهم من القلعة واستبد بها وقصدته الرجال من كل جانب إلى أن اجتمعت له خمسمائة فارس وأثخن في نواحيه وحارب بنى الورد ببنزرت وابن علان بطبربة وقتل محمد بن سباع أمير بنى سعيد من رياح وغصت القلعة بالساكن فاتخذ لها ربضا وجهز إليه العزيز عسكره من بجاية فبارز قائد العسكر وفتك به واسمه غيلاس وهلك بعد مدة وقام بأمره ابنه منيع ونازله بنو سباع وسعيد طالبين بثار أخيهما محمد وتمادى به الحصار وضاقت أحواله فاقتحموا عليه القلعة واستلحم هو وأهل بيته قتلا وسبيا والله مالك الأمور وكان أيضا بطبربة مدافع بن علان القيسي شيخ من شيوخها فلما اضطربت إفريقية عند دخول العرب إليها امتنع بطبربة وحصن قلعتها واستبد بها في جملة من ولده وبنى عمه وجماعته إلى أن ثار عليه ابن بيزون اللخمي في البحرين على واد بحرده بإزاء الرياحين وطالت بينهما الفتنة والحرب وكان قهرون بن مخنوس بمنزل دحمون قد بنى حصنه وشيده وجمع إليه جيشا من أوباش القبائل وذلك لما أخرجه أهل تونس بعد أن ولاه العامة عليهم ثم صرفوه عن ولايتهم لسوء سيرته فخرج من البلد ونزل دحمون وبنى حصنا بنفسه مع الحنايا وردد الغارة على تونس وعاث في جهاتها فرغبوا من محرز بن زياد أن يظاهرهم عليه ففعل وبلغ خبره ابن علان صاحب طبرية فوصل ابن علال يده بصهر منه ونقله إلى بعض الحصون ببلده وهي قلعة عنوش وتظافروا على الافساد وخلفهما بنوهما من بعدهما إلى أن وصل عبد المؤمن إلى إفريقية سنة أربع وخمسين فمحا آثار الفساد من جانب إفريقية وكان أيضا حماد بن خليفة اللخمي بمنزل رقطون من إقليم زغوان على مثل حال ابن علال مر بن غنوش وابن بيزون وخلفه ولده في مثل ذلك إلى أن انقطع ذلك على يد عبد المؤمن وكب عماد بن نصر الله الكلاعي بقلعة شغضبارية قد صار إليه جند من أهل الدعارة وأوباش القبائل فحلها من العرب واستغاث به ابن قليه شيخ الاريس
(١٧٠)