فإني أوصيك كما افترض الله تعالى علي من الوصية وأمرني به حين إدراك المنية بملازمة تقوى الله تعالى، فإنها السنة القائمة، والفريضة اللازمة، والجنة الواقية، والعدة الباقية، وأنفع ما أعده الإنسان ليوم تشخص فيه الأبصار، ويعدم عنه الأنصار.
عليك باتباع أوامر الله تعالى، وفعل ما يرضيه، واجتناب ما يكرهه، والانزجار عن نواهيه، وقطع زمانك في تحصيل الكمالات النفسانية، وصرف أوقاتك في اقتناء الفضائل العلمية، والارتقاء عن حضيض النقصان إلى ذروة الكمال والارتفاع إلى أوج العرفان عن مهبط الجهال، وبذل المعروف، ومساعدة الإخوان، ومقابلة المسئ بالإحسان والمحسن بالامتنان.
وإياك ومصاحبة الأرذال، ومعاشرة الجهال، فإنها تفيد خلقا ذميما، وملكة ردية.
بل عليك بملازمة العلماء، ومجالسة الفضلاء، فإنها تفيد استعدادا تاما لتحصيل الكمالات، وتثمر لك ملكة راسخة لاستنباط المجهولات، وليكن يومك خيرا من أمسك.
وعليك بالتوكل والصبر والرضا، وحاسب نفسك في كل يوم وليلة، وأكثر من الاستغفار لربك، واتق دعاء المظلوم خصوصا اليتامى والعجائز، فإن الله تعالى لا يسامح بكسر كسير.
وعليك بصلاة الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله حث عليها وندب إليها وقال: من ختم له بقيام الليل ثم مات فله الجنة.
وعليك بصلة الرحم، فإنها تزيد في العمر.
وعليك بحسن الخلق، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم.
وعليك بصلة الذرية العلوية، فإن الله تعالى قد أكد الوصية فيهم وجعل مودتهم أجر الرسالة والإرشاد.