ولأن العدة عبادة تستحق عليها الثواب وإذا كان الثواب فيما ذهبنا إليه أوفر لأن المشقة فيه أكثر كان أولى من غيره.
وقوله تعالى: وألات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن، معارض بقوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا.
وأما ما يجري مجرى الموت فشيئان:
أحدهما: غيبة الزوج التي لا تعرف الزوجة معها له خبرا فإنها إذا لم تختر الصبر على ذلك ورفعت أمرها إلى الإمام ولم يكن له ولي يمكنه الانفاق عليها فيلزمه الإمام ذلك حتى يجب عليها الصبر ويبعث الإمام من يتعرف خبره في الآفاق، فإن لم يعرف له خبر حتى انقضت أربع سنين من يوم رفعت أمرها إلى الإمام فعدتها عدة المتوفى عنها زوجها.
والثاني: الارتداد عن الاسلام على الوجه الذي لا يقبل التوبة منه بدليل الاجماع المشار إليه، فأما ما تصح التوبة منه فقد روي أن عدتها ثلاثة أشهر.
وحكم العدة في الطلاق الرجعي أن لا تخرج المرأة من بيت مطلقها إلا باذنه، ولا يجوز له اخراجها منه إلا أن تؤذيه أو تأتي فيه بما يوجب الحد فيخرجها لإقامته ويردها، ولا تبيت إلا فيه، ولا يردها إذا أخرجها للأذى، وروي أن أقل ما يحصل به الأذى أن تخاصم أهل الرجل.
وتجب النفقة في عدة الطلاق الرجعي بلا خلاف، ولا تجب في عدة البائن بدليل إجماع الطائفة ولأن الأصل براءة الذمة وشغلها يحتاج إلى دليل إلا أن تكون حاملا فإن النفقة تجب لها بلا خلاف لقوله تعالى: وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن، ولا نفقة للمتوفى عنها زوجها إذا كانت حائلا بلا خلاف، وإن كانت حاملا أنفق عليها عندنا خاصة من ماله ولدها حتى تضع الحمل.
وتبيت المتوفى عنها زوجها حيث شاءت، ويلزمها الحداد بلا خلاف وهو اجتناب الزينة في الهيئة ومس الطيب واللباس، ولا يلزم المطلقة وإن كانت بائنة كل ذلك بدليل الاجماع المشار إليه. ودلالة الأصل وقوله تعالى: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعبادة، وتلزم عدة الوفاة للغائب عنها زوجها من يوم يبلغها الخبر بلا خلاف بين أصحابنا ولأن العدة من