فصل:
وقوله تعالى: الذين، رفع بالابتداء و: يتوفون منكم، صلة الذين و: يذرون أزواجا، عطف عليه وخبر الذين قيل فيه أربعة أقوال:
أحدها:
أن كون الجملة على تقدير والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا أزواجهم يتربصن.
الثاني: يتربصن بعدهم أي يتربصن أزواجهم بعدهم.
الثالث: أن يكون الضمير في يتربصن لما عاد إلى مضاف في المعنى كان بمنزلته على تقدير يتربصن أزواجهم، هذا قول الزجاج والأول قول العباس والثاني قول الأخفش، ونظيره قول الزجاج أن يقول: إذا مات وخلف ابنتين ترثان الثلثين بالفرض، المعنى ترث ابنتاه الثلثين.
الرابع: أن يعدل عن الإخبار عن الأزواج لأن المعنى عليه والفائدة فيه، ذهب إليه الكسائي والفراء وأنكره أبو العباس والزجاج لأنه لا يكون مبتدأ لا خبر له ولا خبر إلا عن مخبر عنه، و " يذرون أزواجا " أي يتركونها.
فإن قيل: كيف قال " وعشرا " وإنما العدة بالأيام والليالي ولذلك لم يجز أن يقول عشرا من الرجال والنساء؟، قيل: لتغليب الليالي على الأيام إذا اجتمعت في التاريخ وغيره لأن ابتداء شهور الأهلة الليالي عند طلوع الهلال، فلما كانت أوائل غلبت لأن الأوائل أقوى من الثواني، ولا يقدح هذا في قولهم: إذا اختلط الذكر والأنثى كان الغلبة للذكر، قال ابن المسيب وأبو العالية: إنما زاد الله تعالى هذه العشرة على أربعة أشهر لأن فيها ينفخ الروح في الولد، ومعنى التربص أن تحبس نفسها عن الأزواج وتترك الزينة والطيب.
فصل:
وهذه الآية التي قدمناها ناسخة لقوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير اخراج، وإن كانت هذه مقدمة عليها في التلاوة، ولا خلاف في نسخ العدة سنة كاملة إلا أن أبا حذيفة قال: العدة أربعة أشهر وعشرا وما زاد