والخاص يراعى في المدخول بها غير غائب عنها مدة مخصوصة، وهو اثنان: أن لا تكون المرأة حائضا أو في طهر يقربها فيه إذا لم يكن بها حبل.
ونحن نتكلم على هذه الفصول فصلا فصلا إنشاء الله تعالى.
فصل: في طلاق التي لم يدخل بها:
قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن، خاطب الله تعالى بهذه الآية المؤمنين بأنه إذا نكح واحد منهم مؤمنة نكاحا صحيحا ثم طلقها قبل أن يمسها يعني قبل أن يدخل بها فإنه لا عدة عليها منه ويجوز لها أن تتزوج بغيره في الحال، وأمرهم أن يمتعوها ويسرحوها سراحا جميلا إلى بيت أهلها وأن يخليها تخلية حسنة إن كانت في بيت أهلها، وهذه المتعة واجبة إن كان لم يسم لها مهرا وإن كان سمى مهرا لزمه نصف المهر، وإن لم يبين لها صداقا متعها على قدر عسره ويسره وهو السراح الجميل، وهذا مثل قولنا سواء.
وروى أصحابنا: أنه يمتعها إن كان موسرا فبدابة أو مملوك، وإن كان متوسطا فبثوب وما أشبهه وإن كان فقيرا فبخاتم وما أشبهه، وقال سعيد بن المسيب: إن هذه الآية نسخت بإيجاب نصف المهر المذكور في البقرة، والصحيح الأول أنه لا ناسخ ولا منسوخ في ذلك، ولكل آية من هذه الآيات حكم ثابت لأنا اتفقنا على أن بضع حرة لا تحل بغير مهر أو عوض والنكاح من دون ذكر المهر ينعقد ويصح، فإن طلقها قبل أن يجامعها فإنه لا يخلو من أن يكون سمى لها مهرا أو لم يسم، فإن لم يسم لها مهرا وجب عليه أن يمتعها على ما ذكرناه بالآية التي قدمناها وبقوله تعالى: وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين، ويمكن أن يقال: أن الإشارة بهذه الآية إلى المتعة الواجبة التي قدمناها وأومأ بما قبل هذه الآية من قوله: حقا على المحسنين، إلى المتعة المستحبة على ما ذكرنا.
والمراد بالقراءتين " تماسوهن " أو " تمسوهن " الجماع بلا خلاف، وإنما قال:
" تعتدونها " فخاطب الرجال لأن العدة حق للزوج ربما استبرأ من أن يلحق به من ليس