ومنشأ الخلاف كما تقدم، كيفية الجمع بين النصوص الواردة في المسألة، وبالمضامين المختلفة، ومداليل متعددة، التي ينبغي أن يتأمل فيها وفي الجمع بينها.
منها، رواية معاوية بن عمار المتقدمة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم قال لا شئ عليه ولكن ليغتسل ويستغفر ربه يحتمل أن يكون السؤال عن حكم النظر بلا قصد للامناء، ولكن أدركه الامناء من دون إرادة منه، ولا طلب له، فالمعنى أن المحرم إذا نظر إلى امرأته، فأمنى من دون قصد واردة لذلك لا يكون عليه شئ، لا حرمة ولا كفارة.
لو قيل: إن الرواية مطلقة تشمل باطلاقها ما لو قصد الامناء فتكون معارضة لما تدل على حرمة الامناء وقصده والاستمناء بالنظر، فيقال، بناء على ثبوت الاطلاق فيها، وشموله النظر بقصد الامناء، لا بد أن يؤخذ بالقدر المتيقن من مفادها، و هو ما لم يكن النظر بذاك القصد، وطلبا له، حتى ترتفع المعارضة بينها وبين ما تدل على حرمة النظر للامناء، والاستمناء.
ثم إنه بناء على عدم شمول الرواية باطلاقها لمن قصد الامناء بالنظر إلى امرأته، والاستمناء به، فهل يستفاد منها جواز النظر بشهوة، أو بغيرها إذا لم يقصد الامناء به أولا، فكل منهما محتمل.
أما النظر بغير شهوة فيستفاد جوازه من الرواية وإن أمنى قهرا، فإن المسلم من مورد الرواية ومدلولها بعد اخراج صورة قصد الامناء، هو هذا المورد والحكم بجواز النظر بغير شهوة إذ لولاه لا يبقى مورد لها.
وأما النظر بشهوة فلا يستفاد منها جوازه، ويشهد له ذيل الرواية على احتمال أيضا حيث قال عليه السلام في المحرم ينظر إلى امرأته أو ينزلها بشهوة حتى ينزل، قال:
عليه بدنة. (1)