موته، وتنجيس الماء، سواء كان صغيرا أو كبيرا سمينا أو مهزولا ينزح سبعون دلوا.
قال محمد بن إدريس: وكأني بمن يسمع هذا الكلام ينفر منه ويستبعده، ويقول: من قال هذا؟ ومن سطره في كتابه؟ ومن أشار من أهل هذا الفن الذين هم القدوة في هذا إليه؟
وليس يجب إنكار شئ، ولا إثباته إلا بحجة تعضده، ودليل يعتمده، وقد علمنا كلنا بغير خلاف بين المحققين المحصلين من أصحابنا: أن اليهودي وكل كافر من أجناس الكفار، إذا باشر ماء البئر ببعض من أبعاضه نجس الماء، ووجب نزح جميعها مع الإمكان، أو التراوح يوما إلى الليل، على ما مضى شرحنا له، وعموم أقوالهم وفتاويهم على هذا الأصل.
وأيضا فقد ثبت بغير خلاف بيننا: أن الكافر إذا نزل إلى ماء البئر، وباشره، وصعد منه حيا، أنه يجب نزح مائها أجمع، فأي عقل أو سمع أو نظر أو فقه يقضي أنه إذا مات بعد نزوله إليها، ومباشرته لمائها بجسمه وهو حي فقد وجب نزح جميعها، فإذا مات بعد ذلك ينزح سبعون دلوا وقد طهرت! وهل هذا إلا تغفيل من قائله وقلة تأمل أتراه عنده بموته انقلب جنسه، وطهر؟ ولا خلاف أن الموت ينجس الطاهر، ويزيد النجس نجاسة.
فإن قيل: فقد ورد أنه ينزح إذا مات إنسان في البئر سبعون دلوا لموته (1)، وهذا عام في المؤمن والكافر ولم يفصل، فيجب العمل بالمعلوم إلى أن يقوم دليل الخصوص. وقد أورد أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتاب النهاية ذلك (2)، وقال: إذا مات إنسان في البئر ينزح منها سبعون دلوا وقد طهرت ولم يفصل، وكذلك ذكر الشيخ المفيد رحمه الله في مقنعته (3)، وابن بابويه في رسالته. (4) قلنا: الجواب عن هذا الإيراد من وجوه: