وعما كان له من الدور الكبير في بث الحياة من جديد في الفكر العلمي ومقاومته لتلك الفترة من الفتور العلمي التقليدي بعد شيخ الطائفة الطوسي " قدس سره " فقد كتب في بداية مقدمته هذه للكتاب فقال: " إني لما رأيت زهد أهل هذا العصر في علم الشريعة المحمدية والأحكام الإسلامية، وتثاقلهم طلبها وعداوتهم لما يجهلون وتضييعهم لما يعلمون، رأيت ذا السن من أهل دهرنا هذا - لغلبة الغباوة عليه. مضيعا لما استودعته الأيام، مقصرا في البحث عما يجب عليه علمه، حتى كأنه ابن يومه ونتيج ساعته. ورأيت العلم عنانة في يد الامتهان، وميدانه قد عطل منه الرهان تداركت منه الذماء الباقي، وتلافيت نفسا بلغت التراقي " (1) . بين " السرائر " و " المبسوط ":
ولا بأس هنا بدراسة " كتاب السرائر " ومقارنته بكتاب " المبسوط " وبذلك يمكننا أن ننتهي إلى النقاط التالية:
1 - إن " كتاب السرائر " يبرز العناصر الأصولية في البحث الفقهي وعلاقتها به بصورة أوسع مما يقوم به كتاب " المبسوط " بهذا الصدد، فعلى سبيل المثال نذكر: أن ابن إدريس أبرز في استنباطه لأحكام المياه ثلاث قواعد أصولية وربط بحثه الفقهي بها، بينما لا نجد شيئا منها في أحكام المياه من كتاب " المبسوط " وإن كانت هي بصيغتها النظرية العامة موجودة في كتب الأصول قبل ابن إدريس.
2 - إن الاستدلال الفقهي لدى ابن إدريس أوسع منه عما في كتاب " المبسوط " وهو يشتمل في النقاط التي يختلف فيها مع الشيخ على توسع في الاحتجاج وتجميع الشواهد، حتى أن المسألة التي لا يزيد بحثها في " المبسوط " على