ومن ذلك: أن آثار ابن زهرة في بحوث العام والخاص مشكلة حجية العام المخصص، في غير مورد التخصيص. بينما لم تكن هذه المشكلة قد أثيرت في كتاب " العدة ". وقد جاء في كتاب المزارعة من " السرائر " ما يدل على أن ابن إدريس كان يجابه معاصريه بآرائه ويناقشهم - ومنهم أبو المكارم ابن زهرة - إذ كتب عن رأي فقهي يقول: " والقائل بهذا القول السيد العلوي أبو المكارم ابن زهرة الحلبي، شاهدته ورأيته، وكاتبته وكاتبني وعرفته ما ذكره في تصنيفه (الغنية) من الخطأ، فاعتذر - رحمه الله - بأعذار غير واضحة " (1) فنرى ابن إدريس قد أخذ المناقشة والتجديد الفقهي من شيخه ابن زهرة.
ابن إدريس والاجتهاد و " السرائر ":
يقول ابن إدريس في مقدمة كتابه " السرائر ": فإن الحق لا يعدو أربع طرق:
إما هي من الله سبحانه، أو سنة رسوله المتواترة المتفق عليها، أو الإجماع، فإذا فقدت الثلاثة فالمعتمد في المسألة الشرعية - عند المحققين الباحثين عن مآخذ الشريعة - التمسك بدليل العقل فيها، فإنها مبقاة عليه وموكولة إليه، فمن هذه الطرق نتوصل إلى العلم بجميع الأحكام الشرعية في جميع مسائل أهل الفقه، فيجب الاعتماد عليها والتمسك بها، فمن تنكر عنها عسف وخبط خبط عشواء، وفارق قوله المذهب.
فقد قال المرتضى " رضي الله عنه " في جواب (المسألة الثانية) من المسائل الموصليات:
" إعلم أنه لا بد في الأحكام الشرعية من طريق يوصل إلى العلم بها، لأنا متى