كان بالخيار، إن شاء حج، وإن شاء لم يحج، ولا يلزمه لمكان الفوات حجة أخرى، لأنه لم يفسدهما.
ومن فاته الحج، سقطت عنه توابعه، من الرمي، وغير ذلك، وإنما عليه المقام بمنى استحبابا، وليس عليه بها حلق، ولا تقصير، ولا ذبح، وإنما يقصر إذا تحلل بعمرة، بعد الطواف والسعي، ولا يلزمه دم، لمكان الفوات.
ومن كان متمتعا، ففاته الحج، فإن كانت حجة الإسلام، فلا يقضيها، إلا متمتعا، لأن ذلك فرضه، ولا يجوز غيره، ويحتاج إلى أن يعيد العمرة، في أشهر الحج، في السنة المقبلة، فإن لم تكن حجة الإسلام، أو كان من أهل مكة وحاضريها، جاز أن يقضيها مفردا، أو قارنا.
وإن فاته القران، أو الإفراد، جاز أن يقضيه متمتعا، لأنه أفضل، بعد أن يكون قد حج حجة الإسلام متمتعا، إن كان فرضه التمتع.
والمواضع التي يجب أن يكون الإنسان فيها مفيقا، حتى يجزيه، أربعة:
الإحرام، والوقوف بالموقفين، والطواف، والسعي. وإن كان مجنونا أو مغلوبا على عقله، لم ينعقد إحرامه.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في مبسوطه: وما عدا ذلك، يصح منه (١)، والأولى عندي، أنه لا يصح منه شئ من العبادات، والمناسك، إذا كان مجنونا، لأن الرسول صلى الله عليه وآله قال: الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى (٢) والنية لا تصح منه، وقال تعالى: ﴿وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى﴾ (3) فنفى تعالى أن يجزي أحدا بعمله، إلا ما أريد وطلب به وجه ربه الأعلى، والمجنون لا إرادة له.