توجبون عليه صاعا من ماء (1).
وقد روي هذا المعنى من طرق كثيرة، وهذا تنبيه منه عليه السلام على أن هذه الأحكام يتبع بعضها بعضا، وإذا كنا نوجب في الوطئ في الدبر من المرأة الحد كما نوجب في القبل، وجب الغسل في الجميع بشهادة أمير المؤمنين عليه السلام.
وأما الأخبار المتضمنة لتعليق الغسل بالتقاء الختانين (2) فلا دلالة فيها عليها، لأن أكثر ما يقتضيه أن يتعلق وجوب الغسل بالتقاء الختانين، وقد توجب ذلك، وليس هذا بمانع من إيجابه في موضع آخر لا التقاء فيه لختانين إلا من حيث دليل الخطاب، وذلك غير معتمد ولا معول عليه عند المحققين لأصول الفقه، على أنهم يوجبون الغسل بالإيلاج في قبل المرأة، وإن لم يكن هناك ختان، فقد عملوا بخلاف ظاهر الخبر.
فإذا قالوا: المرأة وإن لم تكن مختونة فذلك موضع الختان من غيرها؟ قلنا:
هذا على كل حال عدول عن الظاهر، لأن الخبر علق الحكم فيه بالختان لا بتقدير موضعه، وإذا أوجبنا حكم الغسل فيما لم يلتق فيه ختانان على الحقيقة، فبدليل آخر، وهكذا نصنع فيما خالفتم فيه.
وأما ما يوجد في الروايات والأخبار والكتب فلو كان صريحا في تضمنه خلاف ما ذكرناه، لم يجب الالتفات إليه فيما يدل القرآن والإجماع والأخبار المتظاهرة المشهورة على خلافه، فضلا أن يكون لفظه محتملا، لأنهم يدعون أن من وطأ امرأة في دبرها ولم ينزل فلا غسل عليه، ويمكن حمله على وطئها من جهة الدبر دون الفرج، وكما أنه يطأ من جهة القبل في الفرج وفيما دونه، فكذلك قد يطأ من جهة الدبر في الفرج وفيما دونه، ويوجد في روايات أصحابنا