الوجود الا انها أعيان متصورة بكنهها ما دام وجوداتها ولو في العقل فإنها ما لم يتنور بنور الوجود لا يمكن الإشارة العقلية إليها بأنها ليست موجوده ولا معدومه في وقت من الأوقات بل هي باقيه على احتجابها الذاتي وبطونها الأصلي أزلا وابدا وليست حقائقها حقائق تعلقية فيمكن الإشارة إليها والحكم عليها بأنها هي هي وانها ليست الا هي وانها لا موجوده ولا معدومه ولا متقدمه ولا متأخرة ولا مصدر ولا صادر ولا متعلق ولا جاعل ولا مجعول وبالجملة ليست محكوما عليها بحسب ذواتها ولو في وقت وجودها المنسوب إليها مجازا عند العرفاء (1) بنعت من النعوت الا بأنها هي هي لا غير بخلاف الوجودات فان حقائقها تعلقية لا يمكن للعقل الإشارة إليها مع فرض انفصالها عن القيوم الجاعل بأنها هي هي إذ ليست لها هويات انفصالية استقلالية ومع هذا فإنها عينيات صرفه بلا ابهام ووجودات محصنة بلا ماهيات وأنوار ساذجة بلا ظلمه وهذا مما يحتاج تصورها إلى ذهن لطيف ذكى في غاية الذكاء والدقة واللطافة ولهذا قيل إن هذا طور وراء طور العقل لان ادراكها يحتاج إلى فطره مستأنفه وقريحة ثانيه فكما ان الماهيات (2) الغير البسيطة التي لها حد لا يمكن تصورها بحدودها والاكتناه بماهياتها الا بعد تصور ما سبق عليها من مقوماتها الذاتية فكذلك لا يمكن اكتناه شئ من انحاء الوجودات الفاقرة الذوات الا من سبيل الاكتناه بما هو مقوم له من مباديه الوجودية ومقوماته الفاعلية ومن تعمق تعمقا شديدا فيما ذكره المنطقيون في كتاب البرهان ان الحد والبرهان متشاركان في الحدود وان الحد (3) الأوسط في البرهان بعينه هو
(٨٧)