الاخر إذ لا مغايره بين الاعتبارين وانهم اعترفوا بان الأفاعيل يجب اخذها في حدود القوى لما ذكرناه وقد علم أن كثره الأفاعيل مستلزمة لشدة القوة الفاعلة من حيث كونها قوه فاعله وتلك الحيثية بعينها حيثية الذات فيما ذكرناها ومعلوم ان هذه القوى بعينها مبادي فصول ذاتية لحقائق الأجسام الطبيعية المتخالفة بالقوى والصور لا بالجسمية المشتركة بين الجميع فالتفاوت فيها بالكمال والنقص في تجوهر الذات يوجب التفاوت في الأجسام النوعية بهذا الوجه وهذا ما أردناه.
بحث وتعقيب ومن الأبحاث التي أوردتها أصحاب المعلم الأول على أنفسهم انكم قلتم الجوهر جنس والجنس لا يقع على أنواعه بالتشكيك بوجه من الوجوه وقاعدتكم هذه تنتقض بكثير من المواضع كعلية المفارقات بعضها لبعض وسببية الهيولى والصورة للجسم وسببية الأب للابن مع أن الجوهر جنس للجميع وكذا ينتقض بتقدم بعض افراد الكم على بعض آخر كتقدم الجسم على السطح والسطح على الخط مع كون المقدار جنسا لها.
وأجابوا عن ذلك بان التقدم والتأخر في معنى ما يتصور كما سلفت الإشارة اليه على وجهين أحدهما ان يكون بنفس ذلك المعنى المتفاوت فيه بالتقدم والتأخر حتى يكون ما فيه التقدم بعينه ما به التقدم والاخر ان يكون لا بنفس ذلك المعنى المتفاوت فيه فهناك يفترق ما فيه التقدم عما به التقدم مثال الأول تقدم وجود الواجب على وجود الممكن ووجود الجوهر على وجود العرض فان وجود العلة متقدم على وجود المعلول في نفس المعنى المدلول عليه بلفظ الوجود وبه أيضا ومثال الثاني تقدم الانسان الذي هو الأب على الانسان الذي هو الابن فان هذا التقدم والتأخر ليس في معنى الانسانية المقول عليها بالتساوي بل في معنى آخر هو الوجود أو الزمان فما فيه التقدم والتأخر فيهما هو الوجود أو الزمان وما به (1) التقدم والتأخر خصوص ذاتيهما