الايراد بنظائر هذه النقوض.
الوجه الثالث من الجواب وهو المذكور في الكتب بان مبنى الايراد على عدم التفرقة بين الوجود المتأصل الذي به الهوية العينية وغير المتأصل الذي به الصورة العقلية فان المتصف بالحرارة ما يقوم به الحرارة العينية لا صورتها الذهنية فالتضاد انما هو بين هويه الحرارة والبرودة وأشباههما لا بين صورتي المتضادين وبالجملة هذه الصفات يعتبر في حقائقها انها بحيث إذا وجدت في المواد الجسمانية تجعلها بحاله مخصوصة وتؤثر فيها بما يدركه الحواس مثلا الحرارة تقتضى تفريق المختلفات من الأجسام وجمع المتشابهات منها والاستقامة حاله قائمه بالخط مما يكون اجزاؤه على سمت واحد وقس عليه الانحناء والتشكلات فإذا عقلناها ووجدت في النفس المجردة حاله فيها لم يلزم الا اتصاف بما من شانه ان تصير به الأجسام حاره أو باردة أو متشكلة أو غير ذلك لا ان تصير النفس موضوعه لهذه المحمولات الانفعالية المادية.
ولقائل ان يقول هذا الجواب لا يجرى في النقض بلوازم بعض الماهيات والأوصاف الانتزاعية والإضافيات كالزوجية والفردية والوجوب والعلية والأبوة وأمثالها مما ليست من الأمور الخارجية وكذا لا يجرى في صفات المعدومات كالامتناع والعدم وأمثالهما إذ لا يتيسر لاحد ان يقول إن اتصاف محل الزوجية والعلية والامتناع من الاحكام المتعلقة بوجودها العيني إذ لا وجود لأمثالها لأنها اما أمور اعتبارية عقلية من لوازم الماهيات أو عدمية من صفات المعدومات.
ويمكن دفع هذا الايراد بما حققناه في هذا الكتاب من أن لكل معنى من المعاني حظا من الوجود (1) فالزوجية مثلا له وجود بمعنى كون موصوفها على نحو يدرك العاقل منه الانقسام بمتساويين هذا هو نحو الوجود الأصيل والخارجي له