التي بها قدر الله سبحانه الأمور وقضى من صور الأشياء السابقة في علمه (1) الاعلى على الوجه الأتم الأولى.
واما الذي نسب إلى انباذقلس الحكيم وانه قائل بالبخت والاتفاق فالظاهر أن كلامه مرموز على ما هو عادته وعاده غيره من القدماء حيث كتموا اسرارهم الربوبية بالرموز والتجوزات.
وقد وجه كلامه بعض العلماء بأنه انما انكر العلة الغائية (2) في فعل واجب الوجود بالذات لا غير إذ هو معترف بان ما لم يجب لم يوجد بل قد سمى هو وغيره الأمور اللاحقة بالماهيات لا لذاتها بل لغيرها اتفاقية وحينئذ يصح ان يقال إن وجود العالم اتفاقي لا بمعنى انه يصير موجودا بنفسه كلا أو يفعله الباري جزافا بل إن وجوده ليس لاحقا به من ذاته بل هو من غيره.
ويقرب من هذا ما خطر ببالي في توجيه كلامه وهو ان ماهيات الممكنات لما علمت من طريقتنا انها في الموجودية ظلال وعكوس للوجودات وانما تعلق الجعل والابداع في الحقيقة بوجود كل ماهية لا بنفس تلك الماهية وكذا علته الغائية انما تثبت لانحاء الوجودات دون الماهيات فماهية العالم انما تحققت بلا غاية وفاعل لها بالذات بل وجوده يحتاج اليهما بالحقيقة فعبر الرجل عن هذا المعنى بان العالم اتفاقي اي هو واقع بالعرض نظير الجهات التي ضمت إلى المعلول الأول البسيط عندهم وصح بها صدور الكثير عنه إذ لا ريب (3) لاحد ان الصادر عن الواجب بالذات