أن ذلك الاكراه يرجع إلى الاكراه على المقدمات، كذلك الأمر فيما أوقع البيوع المتعددة دفعة، لأنه لا لون لما أكره عليه، فيكون الاكراه على المقدمات، فعلى هذا يصح بيعه بلا شبهة، لعدم الامتنان في رفعه، ولعدم حكم العقلاء ببطلانه، مع أنه لولا الالزام المذكور لما تصدى للبيع.
فالمدار على عدم وجود الدواعي المقتضية للإرادة، وإن لم تكن بالغة إلى حد البعث والتحريك، فإنه عندئذ يبطل البيع ويفسد، وفي المثال المذكور أيضا كذلك، فإنه مع إلزام المكره متوجه إلى خصوصيات صنعه من البيوع المختلفة التي يريد إيقاعها بإنشاء واحد، فما كان منها بتلك الإرادة القاهرة - أي إذا جعل واحدا من أمتعته في ضمن الأمتعة الكثيرة لإرادة القاهر - فالبيع بالنسبة إليه باطل، ولكن لما كان إرادة القاهر غير متعلقة بالمتاع الخاص والجزئي الخارجي في مفروض المسألة، فقهرا يصح جميع البيوع، لتوافق الدواعي مع إرادة القاهر. وهذا هو الوجه الذي وعدنا بيانه لتصحيح ما اختاره الأكثر (1)، فتدبر.
إن قيل: هذا أمر عجيب، فإن الاكراه واقع بلا شبهة، والمكره واصل إلى مقصوده بلا ريب، فكيف يكون البيع صحيحا؟!
قلنا: نعم، الأمر كما توهمت، إلا أنه لا منع من الفرار عن إكراهه المورث للبطلان، فلو كان هو غير شائق إلى البيع، فكان عليه أن يقتصر على ما يرتفع به الغائلة، فيعلم من ذلك حصول الدواعي على وفق إرادة