ملكه ذلك الشئ فلا يكون تصرفه فيه تصرفا في مال الغير حتى يقال:
إن ماله محترم، والتمليك المجاني بالاختيار لا ينافي الاحترام، كيف!
وإلا لزم فيما إذا اختلفا في قلة الثمن وكثرته أن يقال بتقديم قول البائع إذا كان المبيع يساوي أزيد مما يدعيه المشتري ولا قائل به هذا.
ولو انعكس النزاع انعكس الحكم بأن قال: وهبتك، وقال الآخر: بل بعتني، وكان غرضهما من النزاع جواز الرجوع وعدمه، كما إذا كانت العين قائمة بعينها وكان المنتقل إليه أجنبيا، فإنه على تقدير الهبة يجوز الرجوع فيها، بخلافه على تقدير البيع، أو كان قبل القبض، فإنه يجوز الرجوع على تقدير البيع.
(مسألة 7): إذا اختلفا في أنه صالحه بلا عوض أو معه، فمع عدم البينة يقدم قول من يدعي عدم العوض، لأصالة عدم ذكر العوض، وأصالة البراءة منه; وكذا إذا اختلفا في أنه وهبه هبة مجانية أو بشرط العوض.
(مسألة 8): إذا اتفقا على أنه أذن له في التصرف في شئ من ماله، واختلفا في أنه أذن مجانا أو مع العوض، فالمسألة مبنية على أن مقتضى الأصل في اليد الضمان إلا أن يثبت الإذن المجاني، أو عدم الضمان إلا أن يثبت كونه بشرط العوض، والظاهر هو الأول، لقاعدة احترام مال المسلم، لأن المفروض أنه تصرف في مال الغير، والإذن أعم من أن يكون مجانا أو مع العوض، فهنا محل قاعدة احترام المال.
(مسألة 9): إذا قال: بعتك داري بكذا من الدراهم - مثلا - وقال الآخر: نعم ولكنني لست مشغول الذمة بذلك العوض، فقد يحتمل جريان أصل البراءة، لاحتمال كون البائع مديونا للمشتري بمقدار الثمن من الدراهم، أو كون مقداره أمانة عنده فجعله ثمنا للمبيع. لكن الأقوى تقديم قول البائع، لا لأصالة احترام ماله لأن المفروض تمليكه إياه بالعوض، بل لأن الأصل عدم وصول العوض إليه، مع أن الشك فيه