المختصين وأصحاب يبرزون بما معهم من الجوارح بازات وصقورا وكلابا سلوقية وفهودا فيرسلونها على الوحش في تلك القورا وقد وثقوا باعتراض البناء لها من امام فيقضى وطرا من ذلك القنص سائر يومه فكان ذلك من أفخم ما عمل في مثلها ثم وصل ما بين قصوره ورياض رأس الطالبية بحائطين ممتدين يجوزان عرض العشرة أذرع أو نحوها طريقا سالكا ما بينهما وعلى ارتفاع عشرة أذرع يتحجب الحرم في خروجهن إلى تلك البساتين عن أن تقع العيون عليهم فكان ذلك مصنعا فخما وأثرا على أيام الدولة خالدا ثم بنى بعد ذلك الصرح العالي بفناء داره ويعرف بقية اساراك باللسان المصعمودى هو القورا الفسيحة وهذا الصرح هو إيوان مرتفع السماك متباعد الأقطار متسع الارجاء يشرع منه إلى الغرب وجانبيه ثلاثة أبو أب لكل باب منها مصراعان من الخشب مؤنق الصنعة ينوء كل مصراع منها في فتحه وغلقه بالعصبة أولى القوة ويفضى بابها الأعظم المقابل لسمت الغرب إلى معارج قد نصبت للظهور عليها عريضة ما بين الجوف إلى القبلة بعرض الإيوان يناهز عددها الخمسين أو نحوها ويفضى البابان عن جانبيه إلى طريقين تنتهيان إلى حائط القورا ثم تنعطفان إلى ساحة القورا يجلس السلطان فيها على أريكته مقابل الداخل أيام العرض والوفود ومشاهد الأعياد فجاءت من أفخم الأواوين وأحفل المصانع التي تشهد بأبهة الملك وجلالة الدولة واتخذ أيضا بخارج حضرته البستان الطائر الذكر المعروف بأبي فهر يشتمل على جنات معروشات وغير معروشات اغترس فيها من شجره كل فاكهة من أغصان التين والزيتون والرمان والنخيل والأعناب وسائر الفواكه وأصناف الشجر ونضد كل صنف منها في دوحة حتى لقد اغترس من السرو والطلح والشجر البرى وسمى دوح هذه بالشعراء واتخذ وسطها البساتين والرياضات بالمصانع والجرار وشجر النور والنزهة من الليم والنارنج والسدر والريحان وشجر الياسمين والخيري والنيلوفر وأمثاله وجعل وسط هذه الرياض روضا فسيح الساحة وصنع فيه للماء حاجزا من أعواد الحور جلب إليه الماء في القناة القديمة كانت ما بين عيون زغوان وقرطاجنة تسلك بطن الأرض في أماكن وتركب البناء العالي ذا الهياكل الهائلة والقسي القائمة على الأرجل الضخمة في أخرى فعطف هذه القناة من أقرب الثمرات إلى هذا البستان وأمطاها حائطا وصل ما بينهما حتى ينبعث من فوهة عظيمة إلى جب عميق المهوى رصيف البناء متباعد الأقطار مربع الفناء مجلل بالكلس إلى أن يعمه الماء فيرسله في قناة أخرى قريبة الغاية فينبعث في الصهريج إلى أن يعبق حوضه وتضطرب أمواجه ويترفه الحظايا عن السعي بشاطئه لبعد مداه فيركبن في الجواري المنشآت فيبارى بهن لما استقل
(٢٨٢)