عامرا كبيرهم من مكانه بالمرية فقام بهن لأمانته من خطايا السلطان وحرمه فلقاه السلطانة مبرة وتكريما وأناله من اعتنائه حظا وتخلى له أخوه عبد العزيز عن الامر فأقره نائبا ثم عقد السلطان لعامر سنة أربع وخمسين على سائر المصامدة واستعمله لجبايتهم فقام بها مضطلعا وكفاه هم الاعمال المراكشية حتى عرف غناءه فيها وشكر له جبايته وهلك السلطان أبو عنان واستبد على ابنه السعيد ووزيره الحسن بن عمر المودودي وكان ينفس عليه ما كان له من الترشيح للرتبة وبينهما في ذلك شحناء فخشى بادرته وخرج من مراكش إلى معقله من جبل هنتاتة وحمل معه ابن السلطان أبى عنان الملقب بالمعتمد وكان أبوه عقد له يافعا قبيل وفاته على مراكش لنظر عامر فخلص به إلى الجبل حتى إذا استوت قدم السلطان أبى سالم في الامر واستقل بملك المغرب سنة ستين وفد عليه عامر بن محمد مع رسله إليه وأوفد ابن أخيه محمد المعتمد فتقبل السلطان وفادته وشكر وفاءه وأقام ببابه مدة ثم عقد له على قومه ثم استنفره معه إلى تلمسان ولم يزل مقيما ببابه إلى قبل وفاته فأنفذه لمكان امارته ولما هلك السلطان أبو سالم واستبد بالمغرب بعده عمر بن عبد الله بن عمر على ما نذكره وكانت بينه وبين عامر بباب السلطان صداقة وملاطفة وصل يده بيده وأكد العهد معه على سد تلك الفرجة وحول عليه في حوط البلاد المراكشية وأن لا يولى من قبله وكان زعيما بذلك وعقد له على الاعمال المراكشية وما إليها إلى وادى أم ربيع وفوض إليه أمر تلك الناحية واقتسما المغرب شق الأبلمة وخاص إليه الأعياص من ولد السلطان أبى سعيد أبو الفضل بن السلطان أبى سالم وعبد المؤمن بن السلطان أبى على فاعتقل عبد المؤمن وأمكن أبا الفضل من امارته على ما يذكر بعد وساءت الحال بينه وبين عمر ونهض إليه من فاس بجموع بنى مرين وكافة العساكر واعتصم بجيله وقومه واستبد على الامر من بعده ووصل عبد المؤمن من معتقله يجاجى به بنو مرين لما كانوا يؤملون من ولايته واستبداده لما آسفهم من حجر الوزراء لملوكهم فلما رأوا استبداد عامر عليه أعرضوا عنه وانعقد السلم بينه وبين عمر ابن عبد الله على ما كان عليه من مقاسمته إياه في أعمال المغرب ورجع واستقل عامر بناحية مراكش وأعمالها حتى إذا هلك عمر بن عبد الله بيد عبد العزيز بن السلطان أبى الحسن كما نذكره حدثت أبا الفضل بن السلطان أبى سالم نفسه بالفتك بعامر بن محمد كما فتك عمه بعمر بن عبد الله ونذر بذلك فاحتمل كرائمه وصعد إلى داره بالجبل ففتك أبو الفضل بعبد المؤمن ابن عمه لأنه كان معتقلا بمراكش واستحكمت لذلك النقرة بينه وبين عامر بن محمد وبعث إلى السلطان عبد العزيز فنهض من فاس في جموعه سنة تسع وستين وفر أبو الفضل فلحق بتادلا وتقبض عليه عمه السلطان عبد العزيز وقتله كما يذكر
(٢٦٩)