ومات مستخفيا بعدوة الأندلس لثلاث ليال منها وحذر حامد من سطوة أبى العافية فلحق بالمهدية واستولى ابن أبي العافية على فاس والمغرب أجمع وأجلى الأدارسة عنهم وألجأهم إلى حصنهم بقلعة حجر النسر مما يلي البصرة وحاصرهم بها مرارا ثم خرجت العساكر وخلف فيهم قائده أبا الفتح فحاصرهم ونهض إلى تلمسان سنة تسع عشرة بعد أن استخلف على المعرب الأقصى ابنه مدين وأنزله بعدوة القرويين واستعمل على عدوة الأندلس طول بن أبي يزيد وعزل بن محمد بن ثعلبة وزحف إلى تلمسان فملكها وغلب عليها صاحب الحسن بن أبي العيش بن عيسى بن إدريس بن محمد ابن سليمان من عقب سليمان بن عبد الله أخي إدريس الأكبر الداخل إلى المغرب بعده فغلب موسى بن أبي العافية الحسن على تلمسان وأرعجه عنها إلى مليلة من جزائر ملوية ورجع إلى فاس وقد كان الخليفة الناصر لما فشت دعوته بالمغرب خاطبه بالمقاربة والوعد فسارع إلى اجابته ونقض طاعة الشيعة وخطب للناصر على منابر عمله فسرح إليه عبد الله المهدى قائده ابن أخي مصالة وهو حميد بن يصلت المكناسي قائد تاهرت فزحف في العساكر إلى حرمه سنة احدى وعشرين ولقيه موسى بن أبي العافية بفحص مسون فتزاحفوا أياما ثم لقيه حميد فهزمه ولحق ابن أبي العافية بتسول فامتنع بها وأفرج قائده أبو الفتح عن حصن الأدارسة فاتبعوه وهزموه ونهبوا معسكره ثم نهض حميد إلى فاس ففر عنها أعزل بن موسى إلى ابنه واستعمل عليها حامد بن حمدان كان في جملته وقفل حميد إلى إفريقية وقد دوخ المغرب ثم انتقض أهل المغرب على الشيعة بعد مهلك عبيد الله وثار أحمد بن بكر بن عبد الرحمن بن سهل الجذامي على حامد بن حمدان فقتله وبعث برأسه إلى ابن أبي العافية فأرسله إلى الناصر بقرطبة واستولى على المغرب وزحف ميسور الخصى قائد أبى القاسم الشيعي إلى المغرب سنة ثلاث وعشرين وخام ابن أبي العافية عن لقائه واعتصم بحصن الكاى ونهض ميسور إلى فاس فحاصرها واستنزل أحمد بن بكر عاملها ثم تقبض عليه وأشخصه إلى المهدية وبدر أهل فاس بغدره فامتنعوا وقدموا على أنفسهم حسن بن قاسم اللواتي وحاصرهم ميسور مدة حتى رغبوا إلى السلم واشترطوا على أنفسهم الطاعة والإتاوة فتقبل ميسور ورضى وأقر حسن بن قاسم على ولايته بفاس وانحل إلى حرب بن أبي العافية فكانت بينهما حروب إلى أن غلبه ميسور فتقبض على ابنه الغوري وغربه إلى المهدية وأجلى موسى بن أبي العافية عن أعمال المغرب إلى نواحي ملوية ووطاط وما وراءها من بلاد الصحراء وقفل إلى القيروان ولما مر بارشكول خرج إليه صاحبها ملاطفا له بالتحف وهو إدريس بن إبراهيم من ولد سليمان بن عبد الله أخي إدريس الأكبر فتقبض عليه واصطلم نعمته
(١٣٥)