مغراوة وبنى يفرن على الدخول في طاعة الأدارسة لما ملكوا تلمسان وأخذت بها زناتة من لدن ثلاث وسبعين ومائة فامتنعوا عليهم سائر أيامهم إلى أن كان الاستيلاء إلى عبد الله الشيعي على إفريقية والمغرب سنة ست وسبعين فغلبهم على مدينة تاهرت وأسرهم ملكهم بها وبث دعوة عبد الله في أقطار المغربين فانقرض أمرهم بظهور هذه الدولة وعهد عروبة بن يوسف الكتامي فاتح المغرب للشيعة على تاهرت لابي حميد دراس بن صولان الهيصي فغدا إلى المغرب سنة ثمان وتسعين فأمحى في مؤامرتها الإباضية من لماية وازداجة ولواية ومكناسة ومطماطة وحملهم على دين الرافضة وشيخ بها دين الخارجية حتى استحكم في عقائدهم ثم وليها أيام إسماعيل المنصور بن صلاص بن حبوس ثم نزع إلى دعوة الأموية وراء البحر ولحق بالخير بن محمد بن حزر صاحب دعوتهم في زناتة واستعمل المنصور بعده على تاهرت ميسور الحصني مولاه أحمد بن الرحالي من صنائعه فزحف إليها حميد والخير وانهزم ميسور واقتحموا تاهرت عنده وتعصبوا على أحمد الرحالي وميسور إلى أن أطلقوهما بعد حين ولم تزل تاهرت هذه بعد لاعمال الشيعة وصنهاجة سائر أيامهم وتغلب عليها زناتة مرارا ونازلها عسكر بنى أمية راجعة في اثر زيرى بن عطية أمير المغرب من مغراوة أيام أجاز المظفر بن أبي عامر من العدوة إلى حربه ولم يزل الشأن هذا إلى أن انقرض أمر تلك الدول وصار أمر المغرب إلى لمتونة ثم صار إلى دولة الموحدين من بعدهم وملكوا الفرس وخرج عليهم بنو غانية بناحية قابس ولم يزل يجئ منهم جلب على ثغور الموحدين وشن الغارات على بسائط إفريقية والمغرب الأوسط وتكرر دخوله إليها عنوة مرة بعد أخرى إلى أن احتمل سكانها وخلا جوها وعفا رسمها لما تناهى عشرون من المائة السابعة والأرض لله (وأما قبائل لماية) فانقرضوا وهلكوا بهلاك مصرهم الذي اختطوه وحازوه وملكوه سنة الله في عباده وبقيت فرق منهم أوزاعا في القبائل ومنهم جربة الذين سميت بهم الجزيرة البحرية تجاه ساحل قابس وهم بها لهذا العهد وقد كان النصرانية من أهل صقلية ملكوها على من بها من المسلمين وهي قبائل لماية وكتامة مثل جربة وسدويكس ووضعوا عليهم الجزية وشيدوا على ساحل البحر بها معقلا كافيا سموه القشتيل وطال تمرس العساكر به من حضرة الدولة الحفصية حتى كان افتتاحها أعوام ثمان وثلاثين من المائة الثامنة في دولة مولانا السلطان أبى بكر وعلى يد مخلوف بن الكماد من صنائعه واستقرت بها الدعوة الاسلامية إلى هذا العهد إلا أن القبائل الذين بها من البربر لم يزالوا يدينون بدين الخارجية ويتدارسون مذاهبهم مجلدات تشتمل على تآليف لأنهم في توعر ديانتهم وأصول عقائدهم وفروع مذاهبهم يناقلونها
(١٢٢)