طنجة والمغرب الأقصى وابنه إسماعيل على السوس وما وراءه واتصل أمر ولائهم وسار سيرتهم في البربر نقموا عنهم أحوالهم وما كانوا يطالبونهم به من الوظائف البربريات والأردية العسلية الألوان وأنواع طرف المغرب فكانوا يتغالون في جمعهم ذلك وانتحاله حتى كانت الصرمة من الغنم تهلك بالذبح لاتخاذ الجلود العسلية من سخالها ولا يوجد فيها مع ذلك الا الواحد وما قرب منه فكثر عيثهم بذلك في أموال البربر وجورهم عليهم وامتعض لذلك ميسرة الحسن زعيم مضغرة الحسن وحمل البرابرة على الفتك بعمر بن عبد الله عامل طنجة فقتلوه سنة خمس وعشرين وولى ميسرة مكانه عبد الأعلى من خديم الإفريقي الرومي الأصل كان من موالي العرب واصل خارجيتهم وكان يرى رأى الصفرية فولاه ميسرة على طنجة وتقدم إلى السوس فقتله عامله إسماعيل ابن عبد الله واضطرم المغرب نارا وانتقض أمره على خلفاء المشرق فلم يراجع طاعتهم بعد وزحف بعض الحجاب إليه من القيروان في العساكر على مقدمة خالد بن أبي حبيب الفهري فلقيهم ميسرة في جموع البرابرة فهزم المقدمة واستلحمهم وقتل خالد وتسامع البربر بالأندلس بهذا الخبر فشاروا بعاملهم عقبة بن الحاج السلولي وعزلوه وولوا عبد الملك بن قطر الفهري وبلغ الخبر بذلك إلى هشام بن عبد الملك فسرح كلثوم بن عياض المري في اثنى عشر ألفا من جنود الشام وولاه على إفريقية وأدال به من عبيد الله بن الحجابي وزحف كلثوم إلى البرابرة سنة ثلاث وعشرين حتى انتهت مقدمته إلى اسبو من أعمال طنجة فلقيه البرابرة هنا لك مع ميسرة وقد فحصوا عن أوساط رؤسهم وقادوا امعاد الخارجية فهزموا مقدمته ثم هزموه وقتلوه وكان كيدهم في لقائهم إياه وملؤا الشنان بالحجارة وربطوها بأذناب الخيل يفادى بها فتقعقع الحجارة في شنانها وسربت بمصاف العساكر من العرب فنفرت خيولهم واختل مصافهم وانحزب عليهم المرية فافترقوا وذهب ملح مع الطلائع من أهل الشام إلى سبتة كما ذكرناه في أخبارهم ورجع إلى القيروان أهل مصر وإفريقية وظهرت الخوارج في كل جهة واقتطع المغرب عن طاعة الخلفاء إلى أن هلك ميسرة وقام برياسة مضغرة من بعده يحيى بن حارث منهم وكان خلفا لمحمد بن خزر ومغراوة ثم كان من بعد ذلك ظهور إدريس بالمغرب فقدم بها البرابرة وتولى كبرها وإربه منهم كما ذكرناه وكان على مضغرة يومئذ شيخهم بهلول بن عبد الواحد فانحرف مالك عن إدريس إلى طاعة هارون الرشيد بمداخلة إبراهيم بن الأغلب عامل القيروان فصالحه إدريس وأنبأه بالسلم ثم ركد ريح مضغرة من بعد ذلك وافترق جمعهم وجرت الدول عليهم أذيالها واندرجوا في عمال البربر الغارمين لهذا العهد بتلول المغرب وصحرائه فمنهم ما بين فاس وتلمسان أمم
(١١٩)