لأن الشراء علة في نقل الملك إليه من غيره، والاستحقاق بالشفعة أثره قرار ملكه عليه، فأحدهما غير الآخر وجودا وأثرا.
وإن كان ذلك كله لا يخلو من نظر، ضرورة عدم المنع من ترتب الملك على الشراء وترتب الشفعة عليه، نحو الانعتاق للقريب المترتب على ملكه الحاصل بالشراء، لأن استحقاق الشفعة أمر غير الملك الحاصل من الشراء.
ثم إن الثمرات المترتبة على ذلك كثيرة، فإن للشفعة أحكاما حتى مع الإقالة عن عقد البيع. فالعمدة في الجواب ما ذكرناه، ولولاه لاتجه ما ذكره الشيخ والجماعة، وكأنهم غفلوا عن أن مفاد النصوص ما ذكرنا فلا موضوع للشفعة شرعا، لأن الفرض مشمول لنصوصها، ولكن المانع عدم تعقل استحقاق ذلك على ملكه حتى يتجه الجواب عنه بأنها معرفات لا علل تامة.
ومن الغريب تسالمهم على ما ذكرناه فيما تقدم من أنه لو اشترى العامل ما فيه شفعة للمالك، معللين له بأن المالك يملكه بالشراء لا بالشفعة وقولهم هنا: إن الأقرب والأصح والأقوى صحة الشفعة للمشتري نفسه.
ومما ذكرنا يعلم أنه لا وقع لما أجيب عما ذكره المستدل بأن للشفعة أثرا آخر إلى آخره بأن استحقاق الملك ومنع الشريك معلولا علة واحدة، وهو استحقاق الشفعة، فيمتنع تخلف أحدهما عن الآخر، وقد امتنع أحدهما من جهة استلزامه المحال، فينبغي أن يمتنع الآخر إلا مع الدليل المقتضي لذلك.
وكيف كان فقد ظهر لك أن القول المزبور في غاية السقوط وإن كان لما ذكرناه لا لما ذكروه مما هو واضح الاندفاع، والله العالم.