الضرر هناك دونه هنا، فهو كمالين متلاصقين لشخصين لم يرض كل منهما بتخليصه من الآخر، فإنه لا ريب في تولي الحاكم ذلك، فكذا المقام المحتمل تولي المالك، لما عرفت من العدوان من الغاصب، أما إذا لم يكن عدوانا من أحدهما، بأن أطار الريح ثوبا في إجانة صبغ لآخر وتعاسر أو كان يمكن الزوال كان المتولي الحاكم على الظاهر.
وعلى كل حال فمع فرض تضرر الغاصب بنقص ماله أو بهلاكه بالإزالة لا جبر له، لأنه ذو الاختيار السئ الذي أدخل الضرر على نفسه بخلاف المالك المظلوم، ولذا وجب الأرش عليه لو نقص الثوب بذلك دونه.
وإلى ما ذكرنا يرجع استدلال الشمهور بأنه إن لم يجب الإزالة كان عدوانا آخر، والظالم لا يستباح ظلمه والتعطيل ضرر عليهما، كما أن بيع كل واحد ماله منفردا عن الآخر لا يرغب فيه، فليس إلا الإجابة.
وغير ذلك مما ذكروه وإن كان ما ذكرناه أولى، بل لعله لا ينافي كلام الأصحاب، وإن كان يوهم في الظاهر أن للغاصب مباشرة الإزالة إلا أن المراد بيان حق المطالبة بالإزالة وإن كان مع التعاسر يتولى الأمر من عرفت ليوصل حق كل واحد إلى صاحبه.
(و) من ذلك يعلم أنه كما أن للغاصب حق المطالبة بالإزالة فكذا (لصاحب الثوب إزالته أيضا) مباشرة أو استحقاقا، لما عرفت بل هو أولى (لأنه) فعله (في ملكه بغير حق) ولذا صرح الفاضل في القواعد والإرشاد بل والتحرير ومحكي المبسوط والإيضاح باجبار الغاصب على الفصل مع طلب المالك وقبول الصبغ لذلك وإن تضرر الغاصب بنقص ماله أو هلاكه، ويدفع الأرش لنقص ثوب المالك، لأنه الذي أدخل الضرر على نفسه، فتبقى قاعدة إيصال الحق إلى مستحقه بحالها.