سكنى الدار ومراعاة الدابة لضعفها أو كون أرضها مسبعة مثلا فإن المتجه الضمان، نظرا إلى كونه سببا قويا مع ضعف المباشر " وهو المحكي عن الشهيد في بعض فتاواه والكركي، واستحسنه في الرياض لعموم " لا ضرر ولا ضرار " (1).
قال: " ومن هنا يتوجه الحكم بضمان نقص القيمة السوقية للمتاع إذا حصل بمنع المالك عن بيعه ولو مع بقاء العين وصفاتها، وذكر القائل المتقدم أنه لم يضمن قطعا، لأن الفائت ليس بمال بل اكتسابه، وهو كما ترى، لاتحاد وجه الحكم بالضمان هنا وفيما مضى، وهو صدق الاضرار المنفي شرعا، وليس فيه ما يقتضي تخصيص الضرر المنفي بما يكون متعلقه مالا، ولعله لذا اختار الشهيد في بعض فتاواه الضمان هنا، وإن قوى في الدروس عدم الضمان مطلقا وفاقا للمشهور، كما في المسالك والكفاية ".
قلت: لا ينبغي التأمل في عدم ضمان نقصان القيمة السوقية، لعدم تفويت مال عليه بمباشرة أو تسبيب، ومن هنا لم تضمن منافع الحر إجماعا، مع أن قاعدة " لا ضرر ولا ضرار " تأتي فيه.
على أن استفادة الضمان من القاعدة المزبورة متوقفة على الانجبار بفتوى الأصحاب، إذ لا اقتضاء لها إلا عدم مشروعية ما فيه الضرر والضرار في الاسلام على معنى النهي عن إيجاده، وهو إنما يقتضي حرمة ذلك، لا الجبر بالضمان المتوقف على إرادة انتفاء وجوده في الدين المنزل على إرادة جبر ما يحصل منه فيه بالغرامة، لأنه أقرب المجازات إلى نفيه، بل يمكن دعوى إرادة ذلك حقيقة من النفي بلا تجوز.
إلا أن ذلك كله كما ترى لا يصلح دليلا لذلك من دون انجبار