سار، على معنى تقويم الحنطة صحيحة بكذا ومعيبة بالعيب المزبور بكذا، فهو كمال حق المالك، فلا وجه لضمان ما تجدد بعده، إذ هو حينئذ كرجوع المشتري على البائع بمثل العيب المزبور لو فرض سبقه أو حدوثه في الثلاثة على وجه يكون ضمانه على البائع، ودعوى التزام ذلك فيه أيضا واضحة المنع، فتأمل جيدا، والله العالم.
(ولو كان) المغصوب باقيا (بحاله رده، ولا يضمن تفاوت القيمة السوقية) بلا خلاف أجده فيه بيننا، بل في المسالك نسبته إلى أكثر أهل العلم، لأن الفائت رغبات الناس، لا شئ من المغصوب.
خلافا لشذاذ من العامة، وخصوصا إذا فات القيمة ثم عادت إلى ما كانت وقت الغصب، نعم لو كان التفاوت بسبب نقصان في العين ضمن ذلك، كما ستعرف الكلام فيه وفي غيره، والله العالم.
وكيف كان (فإن تلف المغصوب ضمنه الغاصب بمثله إن كان مثليا) بلا خلاف معتد به أجده فيه، كما اعترف به بعضهم بل هو من قطعيات الفقه، كما يومئ إليه أخذه مسلما في سائر أبوابه، وفي جامع المقاصد الاجماع عليه، بل في غاية المراد أطبق الأصحاب على ضمان المثلى بمثله إلا ما يظهر من ابن الجنيد، فإنه قال: " إن تلف المضمون ضمن قيمته أو مثله إن رضي صاحبه " ولعله يريد القيمي، والمراد من ضمانه بمثله عدم تسلط المالك على إلزامه بالقيمة لو أرادها، كما أنه لا تسلط للغاصب على إلزام المالك بقبول القيمة لو بذلها.
لكن لم نعثر في شئ مما وصلنا من الأدلة عدا معقد الاجماع والفتاوى على المثلي والقيمي عنوانا كي يرجع فيهما كغيرهما إلى العرف بعد انتفاء الشرع.