بين دفع القيمة للحيلولة وبين رد العين أو تلفها مضمونة (و) إن كان (الأول أشبه) عند المصنف بأصول المذهب وقواعده التي منها أصل البراءة، وأن القيمة المأخوذة منزلة منزلة المغصوب، فكأنه عاد إليه، بل هي الواجبة عليه، وقد دفعها فبرأ، وأنه استحق المالك الانتفاع بالقيمة التي هي عوض وبدل في المعنى، فلم يبق له على الغاصب حق في ذلك المال، وإلا لم تكن فائدة للغاصب في الدفع.
ولكن لا يخفى عليك ما فيه بعد الإحاطة بما ذكرناه من بقاء العين المغصوبة على ملك المالك، وعلى وجوب ردها على الغاصب مع التمكن، وعلى ضمانها وضمان نمائها، وأن القيمة للحيلولة غرامة شرعية ثبتت بالأدلة، وهي لا تقتضي براءة ولا تغييرا للحال الأول.
ومن هنا قال في جامع المقاصد: " إن الذي يقتضيه النظر الوجوب، لبقاء الغصب كما كان، نعم على القول بأن للغاصب حبس المغصوب إلى أن يقبض البدل يتأتى عدم وجوب الأجرة بعد دفعه " وإن كان فيه إمكان القول بالوجوب حتى على التقدير المزبور، ضرورة عدم المنافاة بين البقاء على حكم الغصب بالنسبة إلى ذلك كضمان النماء وبين جواز الحبس له، كما أشرنا إليه سابقا.
فالتحقيق الوجوب، وخصوصا إذا كان تعذر الرد ناشئا عن اختيار الغاصب، بل قد يقال بوجوب الأجرة حتى مع استمرار الاشتباه وعدم معرفة كون المغصوب باقيا، أو تلف على وجه لا تكون له أجرة إن لم يكن إجماعا على خلافه للأصل، فتأمل. والله العالم.
(ولو غصب شيئين ينقص قيمة كل واحد منهما إذا انفرد عن صاحبه كالخفين) اللذين قيمتهما مجتمعين مثلا عشرة وقيمة كل واحد منفردا ثلاثة (فتلف أحدهما ضمن التالف بقيمته مجتمعا)