عليه حقيقة، فيكون من المباشرة، والإذن الشرعية لا تنافي حكم الوضع الذي هو الضمان الحاصل باتلاف النائم والغافل والمجنون والصبي، اللهم إلا أن يمنع إطلاق سببية الاتلاف للضمان على وجه يشمل الفرض، لعدم ثبوت " من أتلف مال غيره فهو له ضامن " رواية من طرقنا ولا قاعدة وثبوت الضمان في المذكورين للاجماع.
إلا أن الانصاف عدم خلو ذلك عن النظر، ضرورة المفروغية من قاعدة " من أتلف " التي لهجت بها ألسنة الفقهاء في كل مقام، وربما كان في بعض النصوص (1) إشعار بها، بل قد عرفت أن المقام من المباشرة باعتبار كونه من توليد فعله كالقتل بنحو ذلك خطأ، واعتقاد عدم التعدي بعد ظهور خطأه لا أثر له.
نعم قد يقوى عدم الضمان في الفرض إذا اتفق عصف الهواء بغتة بعد إشعال النار مثلا، فإنه يمكن منع إسناد الاتلاف إليه حينئذ، بل هو من السبب الجائز له نحو حفر البئر في ملكه فألقت الريح فيها شيئا، ولعله عليه ينزل إطلاق محكي المقنعة والنهاية والمبسوط والسرائر عدم الضمان إذا أشعلها في ملكه فحملتها الريح إلى غيره.
وعلى كل حال فمما ذكرنا يعلم أنه لا إشكال في الضمان مع التجاوز عن قدر الحاجة والعلم أو الظن بالتعدي، بل في المسالك " لا شبهة في الضمان، لتحقق التفريط المقتضي له مع وجود السببية الموجبة للضمان " وفي الكفاية أنه مقطوع به في كلامهم، ولا أعرف فيه خلافا.