بل لو وجد قائل بأنه على التراخي ما لم يتضرر المشتري نحو ما سمعته في دعوى غيبة الثمن التي مرجعها إلى ما يقرب من ذلك لكان في غاية القوة ودونه القول بأنها على التراخي ما لم يعرض المشتري على الشفيع الشقص مخيرا له بين الشفعة وعدمها، فيجب الفور حينئذ، لأنه لا ضرر ولا ضرار، كما هو مقتضى التدبر فيما سمعته من المرتضى الذي هو الأصل في التراخي، بل ربما كان في ذلك جمع بين الأدلة جميعها.
وإن أبيت عن ذلك كله فلا ريب في أن الأصل عدم الشفعة بعد الشك الحاصل من تعارض الاجماعين والاستصحابين وغير ذلك مما سمعته خصوصا بعد عدم سوق الأدلة لبيان التراخي فالرجوع إلى استصحاب بقائها وإطلاق ما دل على ثبوتها بعد أن كان الأول منها بعد تسليم حجيته هنا والثاني الذي قد عرفت أنه مساق لغير ذلك من الأدلة المتعارضة التي حصل منها الشك، فليس حينئذ إلا الأصل السابق وعموم (أوفوا بالعقود) (1) الذي لم يكن من أدلة الشفعة التي هي الطارئة على مقتضاهما ومع فرض كونهما أيضا من الأدلة على ذلك فلا عمل إلا على الفور الذي هو المتيقن دون غيره، فتأمل جيدا فإنه دقيق جدا، والله العالم.
(و) كيف كان فعلى الفور والتراخي قد وقع الخلاف في سقوطها بأمور:
الأول (لو نزل عن الشفعة) وتركها وعفا عنها (قبل البيع) فالإسكافي والشيخ والمصنف في النافع والفاضل في جملة من كتبه وولده والمقداد والكركي وثاني الشهيدين والخراساني والكاشاني على ما حكى عن بعضهم على أنه (لم تبطل) الشفعة (مع البيع) لاطلاق الأدلة