ووضع آخر حجرا فيه فعثر إنسان بالحجر فوقع في البئر فالضمان على واضع الحجر، لأنه السبب المؤدي إلى سبب الاتلاف، فكان أولى بالضمان، لأن المسبب يجب مع حصول سببه فيه، فوضع الحجر يوجب التردي، أما لو انتفى الترتيب فالضمان عليهما، كما لو حفر ووضع الحجر فإن الضمان عليهما ".
قلت: لا يخلو كلامهما من خفاء في الجملة، والذي ذكره غيرهما أنه يقدم الأول في الجناية وإن تأخر حدوثه عن الآخر، وربما احتمل ترجيح الأقوى، كما لو نصب سكينا في البئر المذكور، وقد يحتمل قويا تساوي السببين، لاشتراكهما في التلف الحاصل خارجا، وأنه لولا الحجر لم يحصل التردي في البئر، كما أنه لولا البئر لم يؤثر العثور بالحجر تلفا، بل لو فرض كون كل من السببين متلفا لو استقل إلا أنهما اشتركا فيما تحقق في الخارج من التلف يتجه أيضا فيه الاشتراك في الضمان، وتمام الكلام في ذلك في الديات إنشاء الله تعالى.
وكيف كان فقد استثنى غير واحد من الأصحاب من قاعدة تقديم المباشر ما إذا ضعف المباشر، وفي الدروس واللمعة الاقتصار على استثناء الغرور والاكراه، بل في القواعد الاقتصار على الثاني منهما، كما في الإرشاد الاقتصار على الأول منهما، إلا أن الظاهر إرادة المثال ضرورة ضعف الريح والشمس والنار والسبع وغيرها مما لا عقل له ولا اختيار.
ولعله لذا قال في المسالك: " وله صور كثيرة تأتي جملة منها وقد تقدم منها مسألة الغرور بتقديم الطعام إليه جاهلا، فإن الضمان يستقر على الآمر ".
قلت: بل لو لم يكن منه أمر بل مجرد تقديمه له ضيافة وإن قال في التذكرة: من قال: كله ولم يقل إنه ملكي ولا طعام فلان غصبته