بل منه يعلم أيضا قوة القول بالضمان مع انتفاء أحد الأمرين، كما هو مقتضى اشتراط عدمه بهما في بعض العبارات، بل هو صريح المحكي عن التحرير واللمعة، بل والكفاية وإن اعتبر الظن القوي فيها. بل والدروس وإن اعتبر العلم ولم يكتف بالظن.
وكأنه مال إليه في المسالك فيما لو علم التعدي وتركه اختيارا وإن كان فعله بقدر حاجته، قال: " لأن ترك قطعه مع علم التعدي إلى الغير وقدرته على قطعه تعد محض، نعم مع عدم العلم ولا الظن قد يشكل الضمان على تقدير تجاوز الحاجة، لأن فعله مأذون فيه على التقدير، ولا تفريط " قلت: قد عرفت صدق الاتلاف عليه وإن كان مأذونا غير مفرط.
وحينئذ فظاهر قول المصنف: (مع علمه أو غلبة ظنه أن ذلك موجب للتعدي إلى الاضرار) كالفاضل في القواعد والإرشاد لا يخلو من نظر، ولعل المراد بالظن في كلامهم ما يشمل قضاء العادة بسريانه كما لو كان الهواء شديدا بحيث يحمله إلى ملك الغير وإن اتفق عدم شعوره بذلك لبلادة أو غيرها.
وفي القواعد في كتاب الديات " وإن كان الهواء عاصفا ولا حائل أو أجج أكثر من قدر الحاجة مع غلبة الظن بالتجاوز ضمن " ونحو ذلك ما عن غصب التذكرة. وظاهره الاكتفاء بعصف الهواء عن غلبة الظن.
والتحقيق ما عرفت من كون المدار على صدق الاتلاف حقيقة ولو بالتوليد إن لم يكن إجماع على خلافه، من غير فرق بين التجاوز في الحاجة وعدمه، وبين العلم أو الظن بالتعدي وعدمه، نعم لو كان ذلك من التسبب لم يكن عليه ضمان ما لم يعلم التعدي أو يغلب على ظنه ولو