أقول: ما رد به الأخيرتان وإن كان صحيحا ولكن شذوذ روايات التخيير عندنا غير معلوم، وثبوته - بقول بعض الآحاد غير واضح.
وصيرورة التسليم حقيقة في السلام عليكم غير ثابت، فحمله على حقيقته المعلومة متعين، ويلزمه جواز تركه بجميع أفراده لمكان النفي في قوله (وإن شئت لم تسلم) فيدل على جواز التسليم.
إلا أن هنا احتمالا آخر، وهو وجوب الفصل بقصد الخروج ثم التكبير لمفردة الوتر على حدة وإن لم يجب التسليم بناء على عدم كونه جزا من الصلاة مطلقا، بل كونه خارجا واجبا في الفريضة مستحبا في النافلة، فلا يلزم من التخيير فيه التخيير في الفصل أيضا. وعلى هذا يكون الفصل متعينا، لانحصار التوقيف فيه.
المسألة الخامسة: قد ورد فيما يقرأ في ثلاث ركعات الوتر روايات.
إحداها: التوحيد في الثلاث، كما في صحيحة ابن سنان: عن الوتر ما يقرأ فيهن جميعا؟ قال: (بقل هو الله أحد) قلت: ثلاثتهن؟ قال: (نعم) (1).
والحارث بن المغيرة: (كان أبي يقول: قل هو الله أحد ثلث القرآن، وكان يحب أن يجمعها في الوتر ليكون القرآن كله) (2).
والبجلي: (كان بيني وبين أبي باب، فكان إذا صلى يقرأ في الوتر في ثلاثتهن بقل هو الله أحد) (3).
والحسين عن ابن أبي عمير عن أي مسعود الطائي: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجمع قل هو الله أحد في الوتر لكي يجمع القرآن كله) (4).
الثانية: المعوذتين في الأوليين والتوحيد في الثالثة، كما في مرسلة الفقيه:
(من قرأ في الوتر بالمعوذتين وقل هو الله أحد قيل له: أبشر يا عبد الله فقد قبل الله