ولعله يكون قبل البينة من الصغائر، لكنه ليس على ما ينبغي، فلا يثبت بذلك اعتبار عموم شهادة العدلين، بل لابد في كل مورد من تشخيص المثبت.
نعم قد ذكرت البينة في كثير من الأخبار، والمدار على شهادة العدلين؛ فالأمر إما من باب استعمال الكلي في الفرد، أو من باب إطلاق الكلي على الفرد كما في تعارض البينتين، وكذا فيما لو تزوج امرأة وادعى آخر أنه تزوجها، وكذا فيما لو ادعى مدع زوجية امرأة وأقام بينة، فأنكرت وادعت أختها زوجيته وأقامت البينة، وكذا في جواز شراء الرقيق لو ادعى الحرية بدون البينة، وعدم الجواز لو ادعى الحرية مع البينة، وكذا فيما لو ادعى مدع ولم يكن له بينة فله استحلاف المنكر، فإن رد اليمين على المدعي وحلف، ثبت المدعى به، وغير ذلك.
لكن يمكن أن يقال: إن في تعارض البينتين - مثلا - تكون البينة أعم من رجلين، ورجل وامرأتين. فالغرض تعارض المثبتين، وليس الأمر من باب إطلاق المثبت على العدلين إطلاقا للكلي على الفرد؛ لعدم اختصاص المصداق، أي عدم انحصار المثبت في العدلين.
إلا أن يقال: إن الأمر في تعارض رجل وامرأتين من باب اطراد الحكم، لا شمول اللفظ، أعني البينة؛ إذ اطراد الحكم لا يمانع عن كون الغرض من البينة هو شهادة العدلين، نظير المطلق المنصرف إلى الفرد الشائع لو ثبت اطراد حكمه في الفرد النادر بالخارج، حيث إن اطراد الحكم لا يمانع عن كون المقصود بالمطلق هو الفرد الشائع.
وكذا اللفظ الموضوع لمعنى لو ثبت اطراد الحكم المتعلق باللفظ في معنى آخر بالإجماع مع إمكان التجوز باللفظ الأعم من المعنيين، حيث إن إمكان التجوز باللفظ عن الأعم لا يمانع عن كون اللفظ مستعملا في معناه، كما في قوله سبحانه:
(فإن كان لهو إخوة فلامه السدس) (1) حيث إن " الإخوة " حقيقة فيما فوق الاثنين،