وأما الثالث: فلما يظهر مما تقدم في الأول، مضافا إلى أن مقتضى طائفة من النصوص أن الغرض حرمة الإعراض عن تحمل الشهادة، فضلا عن دلالتها على اعتبار شهادة الشهيدين، فضلا عن العدلين؛ لعمومها لشهادة الواحد، لكون الأمر من باب مقابلة الجمع بالجمع وهي تفيد التوزيع، إلا أن التوزيع لا يختص بمقابلة الواحد بالواحد، بل هو أعم من الواحد والاثنين؛ إذ المرجع إلى مقابلة اسم الجنس باسم الجنس، إذ المدار على مقابلة المفرد المقابل للمثنى والمجموع بالمفرد المقابل لهما، والمفرد المقابل لهما لا يخرج عن اسم الجنس.
وبهذا يندفع توهم المحذور في قوله سبحانه: (وأرجلكم إلى الكعبين) (1) لاقتضائه اشتمال كل واحد من رجلي المتوضئ على كعبين؛ حيث إن " الرجل " التي هي مفرد " الأرجل " من باب اسم الجنس، فتصدق على الرجلين، والمفروض اشتمال الرجلين على الكعبين، فلا محذور في البين.
وأما الخامس: فلأن مقتضى اقتضاء مقابلة الجمع بالجمع للتوزيع كون الشهادة من الواحد؛ قضية أن منفرد ضمير الجمع الحاضر (2) هو الفرد الواحد، فمقتضاه اعتبار شهادة الشاهد الواحد؛ فلا دلالة في ذلك على اعتبار شهادة الشاهدين فضلا عن العدلين.
وإن قلت: إنه يتأتى اعتبار شهادة الشاهدين فضلا عن العدلين بالأولوية.
قلت: إن شهادة الشاهد الواحد غير معتبرة غالبا، ولا مجال للأولوية مع عدم اعتبار الأصل، كما حررناه في بحث المنطوق والمفهوم.
وبما ذكر يظهر الكلام في السابع.
وأما السادس: فلأن مقتضى ما رواه في الكافي صحيحا، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال، قلت له: المحرم يقتل