وهو مردود: بأن عموم الحكمة بعد اعتباره إنما يبتني على قبح إجمال الكلام، وهو مطرد فيما لو كان الغرض من المطلق بيان حكم آخر، فيطرد اشتراط اعتبار الإطلاق بعدم الورود مورد بيان حكم آخر في عموم السريان.
إلا أن يقال: إن قبح الإجمال لا يكون بالذات، بل إنما هو بالغير، أعني قبح خلو الكلام عن الفائدة، وهو الأربط بما ادعاه صاحب المعالم - مؤسس أساس عموم الحكمة بعد المحقق - في قبح الإجمال من أنه لا معنى لتحليل بيع من البيوع وتحريم فرد من أفراد الربا، وعدم تنجيس مقدار الكر من بعض الماء؛ إذ الظاهر أن الغرض من نفي المعنى هو نفي الفائدة لا نفي الجواز، فلو كان الغرض من المطلق بيان حكم آخر، لا يطرد قبح الإجمال، فلا تقضي الحكمة بالعموم، فلا يتم المقتضي للعموم، فيشترط عموم الحكمة بعدم ورود المطلق مورد بيان حكم آخر.
ومع هذا أصالة الإطلاق إنما تتم بناء على كون التقييد من باب المجاز، وأما بناء على كونها من باب الحقيقة - كما هو الأظهر - فالتمسك بالإطلاق إنما هو من باب ظهور عدم ذكر القيد في عدم القيد.
فغاية الأمر جواز التمسك بالإطلاق من باب أصالة الإطلاق فيما لو شك في كون الكلام في مقام بيان حكم الطبيعة أو في مقام الإجمال لو ثبت كون غلبة الإطلاق في مقام التفضيل.
وأما لو ثبت كون الإطلاق في مقام بيان حكم آخر، فلا مجال للتمسك بالإطلاق، بل نقول: إنه بناء على كون التقييد من باب المجاز إنما يكون التمسك بالإطلاق من باب أصالة الحقيقة من جهة الظن بإرادة المعنى الحقيقي؛ قضية الغلبة؛ دفعا للشك البدوي بملاحظة الغلبة، كما يقال: المشكوك فيه يلحق بالأعم الأغلب.
وأما لو كان الشك مستقرا، كما لو كان الإطلاق واردا مورد حكم آخر، فلا يتم أصالة الحقيقة بناء على اعتبار الظن الشخصي في باب الحقيقة؛ بل بناء على اعتبار الظن النوعي فيه على القول باختصاص اعتبار الظن النوعي في صورة