منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٤٤٢
الشارع كما قيل بذلك في الطهارة والنجاسة أيضا. لكنه في كلا المقامين محل تأمل بل منع.
فالحق أن التذكية فعل المذكي، والأثر المترتب عليه حكم وضعي مجعول كسائر الأحكام الوضعية كالملكية والزوجية والحرية و غيرها، فيكون حكم الشارع بحصول الذكاة بالذبح مع الشرائط نظير حكمه بملكية الحائز للمباحات، والترتب انما هو بجعل الشارع، و فعل المكلف موضوع لحكمه، الذي هو كسائر الأحكام الشرعية من أفعاله الاختيارية، ففعل المكلف كإنشاء البيع وحيازة المباحات و فري الأوداج الأربعة بالشرائط موضوع، والملكية والذكاة حكمان وضعيان شرعيان مترتبان عليه، وبهذا يندرج المقام في ضابط الحكم والموضوع ويتضح أجنبيته عن باب المسبب التوليدي المترتب قهرا على سببه.
ومع تسليم صغرويته للمسبب التوليدي، فدعوى أظهرية إطلاق التذكية في الاخبار في نفس فعل المكلف - باعتبار إسنادها إليه - من ظهورها في المسبب قريبة جدا.
ويؤيده قوله عليه السلام في ما رواه درست عن أبي عبد الله عليه السلام: (قال: ذكرنا الروس من الشاة، فقال: الرأس موضع الذكاة.) فإنه كالصريح في أن التذكية هي نفس الذبح لا ما يتحصل منه، إذ موضعها بذلك المعنى جميع أعضاء الشاة لا خصوص الرأس، وانما الرأس موضع فري الأوداج الذي هو فعل المذكي، و موضوع حكم الشارع بالذكاة.
والحاصل: أن التذكية في لسان الشارع ظاهرة في نفس الذبح والنحر