منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٤٣٨
كذلك، ففيه: أن استعمالها فيه انما هو بالقرينة، وهي اجتماع الميتة في الآية الشريفة مع الموقوذة والمتردية والنطيحة، إذ العطف يقتضي المغايرة. وأما إفراد الميتة وإطلاقها مجردة عن المذكورات، فلا ينبغي الارتياب في إرادة غير المذكى منها، فليست الميتة بنفسها ظاهرة في خصوص ما مات حتف أنفه.
بل يمكن أن يقال: - بعد تسليم كون الميتة لغة خصوص ما مات حتف أنفه - ان المعنى العرفي يقدم على اللغوي عند التعارض، فيحمل الميتة فيما عدا الآية المتقدمة وغيرها - مما ذكر فيه مع الميتة غيرها من الموقوذة والمنخنقة ونحوهما مما زهق روحه بأسباب خارجية غير ما يوجب ذكاة الحيوان - على معناها العرفي العام، وهو غير المذكى.
مضافا إلى أنه فسر قوله تعالى: (الا ما ذكيتم) في بعض الروايات بإدراك ذكاة المحرمات المذكورة مما يقبل منها التذكية، فتنقسم المحرمات في الآية باعتبار إمكان ذكاتها بذبحها مع الشرائط إلى المذكى وغيره، والمدار في الحرمة على غير المذكى منها. ووجه ذكر المنخنقة والموقوذة وغيرهما مع شمول الميتة لجميعها على ما في مجمع البيان هو: أن جماعة من العرب كانوا يأكلون جميع ذلك ولا يعدونه ميتا، انما يعدون الميت الذي يموت من الوجع، فأعلمهم الله تعالى أن حكم الجميع واحد، وأن وجه الاستباحة هو التذكية فقط.
فالمتحصل: أن موضوع الاحكام المتقدمة هو عدم المذكى، ولا دخل لخصوص الموت حتف الانف فيها أصلا.