عن موضوع قابل له، وما بين أقصى الطرفين مراتب لا تحصى.
وحيث أن المرتبة العليا من السعادة قليلة جدا وهي في الانسان أقل، بل من أول الدهر إلى آخره الانسان الكامل بتمام معنى الكلمة البالغ غاية فعلية هذا النوع منحصر في فرد واحد، وهو أشرف الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وآله، فلا محالة سعادة كل أسنان ممزوجة بالشقاوة، بمقدار نقص حظ الانسان من السعادة له حظ من الشقاوة.
إذا عرفت ذلك فاعلم: انهما تنتزعان عن الإطاعة التي توجب القرب إلى الله تعالى وصيرورة الانسان كاملا، والعصيان الموجب للعبد، لنقص حظ الانسان من الكمال فلا معنى لكون الإطاعة ناشئة عن السعادة والعصيان ناشئا عن الشقاوة، فهما ليستا ذاتيتين.
لا يقال: ان منشأهما من الصفات النفسانية المعبر عنها في الاخبار بجنود العقل وجنود الجهل، من الذاتيات.
فإنه يقال: ان الله سبحانه أعطى بحكمته الكاملة كل مكلف قوتين داعيتين إلى الخير والشر، إحداهما العقل، والأخرى الجهل. وخلق صفات حسنة تقوى العقل في دعوته إلى الخير، وخلق ضدها من الرذائل تقوى الجهل في دعوته إلى الشر، فلا تخص الصفات الحسنة بطائفة والرذيلة بطائفة أخرى حتى يقال: ان بعض الناس سعيد ذاتا والاخر شقي كذلك باعتبار منشأهما.
وأما الرواية الأولى التي استدل بها على مختاره، فهي بظاهرها، وان كانت دالة على ما اختاره - الا أنه لابد من صرفها عن ظاهرها لوجهين:
الأول - ان الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام يفسر بعضها بعضا، كما ورد عنهم عليهم السلام، وهذه الرواية قد فسرت في الروايات الأخرى بأن المراد منها ان الله يعلم وهو في بطن أمه أنه يعمل أعمال الأشقياء أو السعداء.
لا حظ خبر ان أبى عمير 1 قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله " الشقي من شقي في بطن والسعيد من سعد في