ثم لا ريب في أن الاختلاف المستقر داخل في موضوع الكلام وأجلى مصاديقه.
وأما الغير المستقر: فان كانت النسبة بين الدليلين الورود فالظاهر خروجهما عن محل الكلام، فإن موضوع الدليل الوارد وإن كان داخلا تحت الدليل الآخر ومشمولا لحكمه قبل قيام الوارد، إلا أنه بقيامه يخرج عن شمول عنوان موضوع ذاك المورود حقيقة، فمثلا إذا كان شئ مشكوك الحل والحرمة، ومحكوما في الظاهر بالحلية، داخلا فيه عموم قوله (عليه السلام): " والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة " (1) ثم قامت البينة على أنه خمر وحرام فلا شبهة في أنه يخرج بقيام البينة عن هذا العموم حقيقة، ولا يدخل في آن واحد تحت الدليلين لكي يقع بينهما اختلاف في حكمه، بل الحلية الظاهرية ثابتة فيه قبل قيام البينة، والحرمة الواقعية مترتبة عليه بعدها، ولا منافاة، فموارد ورود أحد الدليلين على الآخر خارج عن موضوع الكلام ومورد أخبار العلاج. وأما إن كانت النسبة بين الدليلين الحكومة أو التخصيص فهل هما أيضا خارجان عنه لكمال التلائم بينهما بعد حكم العقلاء بقرينية أحدهما للمراد بالآخر، أو داخلان فيه لكونه موجبا - مثلا - لارتفاع حكم العام أو المحكوم عن بعض ما هو مصداق لموضوعه حقيقة وإن كان هذا الارتفاع حكما عقلائيا لرفع الاختلاف البدوي الموجود بينهما؟ وجهان يأتي البحث عنهما بعد تمام البحث عن مفاد أخبار العلاج إن شاء الله تعالى.
ويلحق بموارد التخصيص أو الحكومة ما إذا كان بين الدليلين جمع آخر عرفي، ولو بأن يكون كل منهما قرينة على إلتزام تصرف ما في المراد بالآخر، كما لا يخفى.
نعم، إذا كان التخصيص أو الحكومة أو هذا التصرف الآخر بقرينة متصلة موجبة لعدم انعقاد ظهور الكلام من أول الأمر إلا في ما بقي - كما إذا قال: