وثانيا: أن المستعمل فيه في كليهما نفس اليقين، وتعلق اللحاظ بأحدهما طريقا وبالآخر موضوعا خارج عن المستعمل فيه، فلا محذور.
هذه هي عمدة الوجوه المذكورة لإثبات امتناع الجمع بينهما في الإرادة، وقد عرفت ضعفها.
ومنه تقدر على فهم ضعف سائر الوجوه، فراجع كلماتهم.
بل ومنه عرفت أن الجمع بين إرادتهما وإرادة حكم الشك في الحدوث والاستمرار معا أيضا ممكن.
وقال الشيخ الأعظم (قدس سره): لو سلمنا إمكان جمعهما فلا يصح الاستدلال بحديث " لا تنقض " للقاعدة، وذلك لابتلائه بالاستصحاب المعارض، فكما يقتضي القاعدة ثبوت عدالة زيد يوم الجمعة إذا شك فيها بعد اليقين بها كذلك يقتضي استصحاب عدمها المقطوع به يوم الخميس استمرار عدمها إلى الجمعة، ونتيجة التعارض أن لا تقوم حجة على اعتبار القاعدة.
وأورد عليه المحقق الخراساني في تعليقة الفرائد، بأن بين النقضين السببية والمسببية، فلا يعم العام إلا السبب منهما، فإن كون نقض اليقين بالعدم نقضا لليقين بالشك متوقف على عدم شمول النهي لنقض اليقين بالعدالة المقيدة، وهذا بخلاف العكس، فيعم العام اليقين بالمقيدة، لفرض العموم، وعدم مانع عنه، وبه يرتفع موضوع الاستصحاب.
أقول: لا ريب في عدم وجود سببية ومسببيته هنا بين موضوع القاعدتين، فإن لنا يقينين وشكا واحدا إذا قيس إلى اليقين السابق كان شكا في البقاء ويتم موضوع الاستصحاب، وإذا قيس إلى اليقين اللاحق كان شكا ساريا متما لموضوع القاعدة، والحكم المستفاد من العام في كل منهما هو عدم انتقاض اليقين، وهو تعبد ببقاء اليقين، وانتفاء الشك وهو مقتض لحكومة كل منهما على الآخر.
لكون كل منهما يقتضي نفي موضوع الآخر، أعني الشك تعمدا، وحيث لا يمكن الجمع بينهما ولا مرجح لأحدهما يقع التعارض الموجب للتساقط.