الكبرى ليس خصوص العقاب، إلا أنه لا تدل على أزيد من إطلاقها على مثل العار والشين الذي لا يتحمله العرف الموجود في النكاح بالمحارم، فلا تدل هذه القرينة على صحة إطلاق الهلاكة على مطلق المفاسد التي هي ملاك المحرمات، وعليه فملاحظة الموثقة أيضا لا توجب ارتفاع ظهور لفظة الهلكة في العقاب في غير موارد لزوم الشين والعار.
فما قررناه في مقام الجواب مما لابد منه في كل حال.
ثم إنه يظهر من المشايخ العظام (قدس سرهم) هنا: أن الموجب لتنجز التكليف المجهول منحصر في أمر إيجابي مولوي بالاحتياط والاجتناب، وحيث إنه لا ينبغي الريب في أن الأمر بالتوقف عند الشبهة إنما هو لئلا يقع المكلف في العقاب والهلكة، ليس إلا، فهو أمر إرشادي محض، ولا يصلح أن يكون سببا لتنجز التكليف الواقعي المجهول، بل لابد وأن يتنجز التكليف بمنجز آخر ليترتب على مخالفته العقاب والهلكة، فينفتح باب انطباق قولهم (عليهم السلام): " الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات " (1).
أقول: والحق عدم إمكان تصديق شئ من الدعويين:
أما الأولى فلأنه لا ينبغي الريب أن المولى إذا أعلن بأني لا أرفع اليد عن التكليف المجهول - لو كان موجودا - ولا أرى الجهل بالحكم عذرا فلا ينبغي الشك في أن العقلاء يرون بعد هذا الإعلان أن له حق مؤاخذة من خالف التكاليف المجهولة، مع أن كلامه هذا ليس إلا إعلانا بما بني عليه في مقام رعاية تكاليفه الصادرة عنه، ولا يستلزم أمرا مولويا بالاحتياط، بل نفس الإعلان بهذا البناء منجز وكاف في البيان المتقوم قبح العقاب بعدمه، وهو من الوضوح بمكان.
وأما الثانية فلأن الأمر الإرشادي إنما قوامه بأن لا يكون المولى في مقام إعمال حق مولويته، وهو لا ينافي أن يدل بالدلالة الالتزامية أيضا على أمر آخر