واحد ولذلك صح عقلا اتصاف الواجب تبارك وتعالى بالعلية والخالقية مع امتناع وصفه بالمعلولية والمخلوقية، مضافا إلى منع كون الصحة والفساد من قبيل المتضايفين لعدم تكرر النسبة في مفهومهما - كما أنه ليس الوجه لعدم الاتصاف المذكور ان الوصفين من قبيل العدم والملكة، فلا يتصف بالفساد الا ما من شأنه الصحة، وذلك أن هذه الشأنية إنما يحتاج إليها في ناحية الاتصاف بالعدم، لا في الاتصاف بنفس الملكة، ولذلك اتصف الواجب تعالى بالسميع والبصير، مع امتناع اتصافه بالصمم والعمى، فتأمل.
وإنما الوجه فيه: هو أن وجود التمليك ملازم لحصول الملكية فلا يمكن أن يتصف بالفساد، وإنما كان أمكن اتصافه به لو صح وجوده منفكا عن أثره الذي هي الملكية، فلا يتصف بكلا الطرفين، وما لم يتصف بالفساد والصحة كليهما لا يجري نزاع الصحيحي والأعمي فيه، بل الأعمي أيضا يكون صحيحيا قائلا بالوضع لما لا ينفك عن أثره المطلوب منه. إلا أنه مع ذلك كله فعبارة تعليقته تدل صراحة على أن المراد بالمسببات التي لا تتصف بالفساد والصحة بل بالوجود والعدم، هو المعاني المنشأة كالتمليك في البيع.
والتحقيق: أن الموضوع له الحقيقي في أسماء المعاملات هو المعاني المنشأة بألفاظ الإيجاب والقبول، وهي أمور اعتبارية يعتبرها العقلاء لترتيب الآثار المقصودة، والمتعاقدان في إنشائهما يكونان بصدد النيل إلى هذه المعاني الايجادية، وإنشائهما طريق عقلائي للنيل لها، لا أن كلا من المتعاقدين يتعهد ويعتبر البيع - مثلا - عند نفسه حتى يكون هو المعتبر لهذه المعاني، بل إن معاني المعاملات أمور موجودة في عالم الاعتبار، والمعتبر لها إنما هم العقلاء، وليس للشرع الأقدس في باب حقيقة المعاملات اصطلاح خاص، وإن كان ربما لا يرى ما رآه العقلاء موجبا لترتب الأثر موجبا له.
وكيف كان فهذه الأمور الاعتبارية العقلائية لا نسلم أنها عندهم لا تنفك عن الأثر، فمن أكره على بيع داره أو طلاق زوجته فباعها أو طلقها فرارا عما وعد به