الألفاظ والمعاني الاسلامية الجديدة، إلا أنه مع ذلك لا دليل معتبر على أن المعاني المذكورة معان جديدة.
وذلك لاحتمال أن تكون هذه الألفاظ بهذه المعاني معروفة في لسان العرب، بعد أن كان أصل المعاني معروفة عندهم، لتشريعها في الشرائع الإلهية السابقة، كما يشهد به قوله تعالى في كلامه الكريم، قال تعالى: * (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) * (1)، وقال تعالى حكاية عن عيسى على نبينا وآله وعليه السلام: * (وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا) * (2)، وقال تعالى مخاطبا لإبراهيم (عليه السلام): * (وأذن في الناس بالحج) * (3)، ومخاطبا له ولابنه (عليهما السلام) * (طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) * (4)، إلى غير ذلك من الآيات المباركات. فبعد ذلك يحتمل في ألفاظ هذه المعاني أن تكون حقائق لغوية، واختلاف الشرائع فيها جزءا وشرطا لا يوجب اختلاف مفاهيمها، فلعله من قبيل الاختلاف بين مصاديقها في شريعة واحدة بحسب الحالات المختلفة.
ومع هذا الاحتمال ليس لخصوص القول بالحقيقة الشرعية ثمرة عملية، فإن الألفاظ تحمل على معانيها المعهودة بما أنها معانيها اللغوية، ولعل هذا هو السر في ظهور هذه الألفاظ في المعاني الشرعية حتى في آيات السور المكية، وحتى في النازلة منها أوائل البعثة، بل أولها، فضلا عن النبويات المروية في لسان المعصومين (عليهم السلام)، وإن كان نفس هذا الظهور أيضا كافيا في إنكار الثمرة.
وكيف كان فلو سلمنا عدم ثبوت الحقيقة الشرعية ولا الحقيقة اللغوية التي تفيد فائدتها لكان مع ذلك أيضا إلى إنكار الثمرة سبيل، وذلك أن ثبوت الحقيقة المتشرعية بعده (صلى الله عليه وآله). وفي زمن المعصومين (عليهم السلام) لا ينبغي الشك فيه، وحيث إن السنة النبوية أيضا لم تصل إلينا إلا عن لسان الأئمة المهديين (عليهم السلام) فهذه الألفاظ في كلامهم يراد بها معانيها الشرعية حتى في ما تضمن منها رواية عن النبي العظيم