يقال في عرف العقلاء: إنه باع داره وطلق زوجته، لكنهم لا يرون البيع أو الطلاق الصادر لا عن رضا صحيحا، وهكذا إذا باع الراهن العين المرهونة بلا إذن ولا اجازة من المرتهن يصدق عليه أنه باعها، إلا أنه بيع فاسد، فإن قوام الرهن الصحيح لدى العقلاء أيضا إنما هو بكون العين المرهونة وثيقة الدين مقطوعا عنها يد الراهن، فالبائع المكره أو الراهن قد أنشأ معنى البيع عن جد إلى معناه، كما في سائر الموارد، والعقلاء يعبرون عن عمله بالبيع، لكنه مع ذلك بيع غير صحيح، وهكذا الأمر في بيع الفضول، ومثله الكلام في سائر العقود والإيقاعات.
فبعض الأمور المعتبرة عند العقلاء في المعاملات وإن كان به تقوم حقيقة عنوان المعاملة. (- كالتميز والعقل والجد إلى معنى الإيجاب والقبول - إلا أنه يوجد هنا أيضا أمور معتبرة في صحتها دون أن يكون دخيلا في قوامها).
إن قلت: إن التمليك والملكية كالإيجاد والوجود متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار، فمع أن حقيقة البيع هي التمليك كيف يتصور تحقق البيع مع عدم حصول الملك؟
قلت: إن التمليك الذي هو حقيقة البيع تمليك إنشائي يجتمع مع عدم حصول الملكية خارجا أيضا، وليست حقيقته تمليكا خارجيا بمعنى إيجاد الملك في الخارج فلا إشكال.
وعليه فلو قلنا: بأن أسماء المعاملات وضعت للمسببات - كما هو الصحيح - فلجريان النزاع معه أيضا مجال.
والمختار هنا أيضا أن الموضوع له في المعاملات أيضا هو الأعم بدليل التبادر وعدم صحة السلب المذكورين.
ثم أنه بناء على وضع ألفاظ المعاملات للمسببات فالظاهر أن الشرع والعرف لا يختلفان في مفهوم المعاملات فالبيع عند العرف والشرع - مثلا - معناه تمليك فعلي لمال بعوض على الصحيح، أو مطلق تمليك مال بعوض، سواء أحصل به ملكية فعلية أم لا بناء على الأعم وإنما كان الخلاف بينهما أن الشارع ربما يعتبر