للنزاع في كونها موضوعة للصحيح أو للأعم، لعدم اتصافها بهما كما لا يخفى، بل بالوجود تارة وبالعدم أخرى. وأما إن كانت موضوعة للأسباب فللنزاع فيه مجال (1). انتهى.
أقول: إن في باب المعاملات - العقود والإيقاعات - أمورا ثلاثة: الألفاظ - مثلا - التي ينشأ بها معانيها، والمعاني المنشأة بها، كالتمليك بعوض - في البيع - وبلا عوض - في الهبة - مثلا، والآثار المترتبة على هذه المعاني، أعني: ملكية العوضين للمتبايعين، وملكية العين الموهوبة للمتهب في البيع والهبة - مثلا -. وكل من المعاني المنشأة والآثار المترتبة يصح التعبير عنها بالمسببات، لترتبها على الألفاظ أو المنشآت، إلا أنه لا ينبغي الريب في أن نفس الملكية - التي هي موضوع جواز تصرف المالك وحرمة تصرف غيره إلا بطيب نفسه - ليست معنى البيع ولا الهبة، ولا ينبغي توهم القول به من العلماء، وإنما الأمر دائر بين أن يكون حقيقة المعاملة هي الألفاظ التي بها الإنشاء بما لها من المعاني، وأن تكون هي نفس المعاني المنشأة بها التي هي من قبيل المسبب لها.
قال المصنف في تعليقته المباركة على البيع: إن الصحة والفساد لما كانا من الأمور المتضايفة، ولا يتصف الشئ بواحد منهما إلا إذا صح تواردهما عليه كان البيع بمعنى التمليك مطلقا - حقيقيا كان أو إنشائيا - لا يتصف بواحد منهما، بل يكون مع علته ولا يكون بدونها، وإنما يتصف بهما البيع بمعنى الإيجاب والقبول، فيكون صحيحا لو كان واجدا لما اعتبر في تأثيره، وفاسدا فيما إذا كان فاقدا لكله أو بعضه (2). انتهى بتلخيص ما.
فقد صرح (قدس سره) بأن البيع - بمعنى التمليك - لا يتصف إلا بالوجود أو العدم، لا بالصحة والفساد، والوجه المذكور في كلامه لعدم الاتصاف - أعني تضايف الوصفين - وإن كان غير تام، لأن التضايف لا يقتضي صحة التوارد على مورد