مقومات المعنى، وهو - كما أشرنا إليه - حاصل في ما نحن فيه.
فما في تهذيب الأصول بدء البحث (1) محمول على أن عنوانه إنما كان لتشحيذ الأذهان.
الثالث: لا ريب في أن الفساد الناشئ عن فقدان الجزء محل الخلاف بين القولين، وأما الناشئ عن فقدان الشرط فقد يناقش في كونه محل النزاع: إما مطلقا، وإما خصوص ما كانت شرطيته لأجل التزاحم، أو لأجل تعلق النهي بما ينطبق على العمل، أو لأجل الدليل على اعتبار قصد القربة والطاعة.
ويستدل لخروج مطلق الشرائط: بأن رتبة الشرط متأخرة عن رتبة الأجزاء التي بها قوام المقتضي.
ويجاب: بأن التأخر المذكور لا يمنع عن وضع اللفظ للمتقدم المقيد بكونه مع المتأخر.
كما يستدل لخروج الأقسام المذكورة من الشرائط: بأن دخولها في حقيقة العبادة موجب: إما للخلف، حيث إن التزاحم أو الفساد الناشئ عن النهي إنما يكون بعد فرض صدق العبادة، وإما لتقدم ما هو المتأخر، كما في شرط قصد القربة فإن أخذه في قوام العمل مع عدم إمكان أخذه في المأمور به يلزم منه ذلك.
ويجاب عنه: بأن الموجب للمحذور هو أخذه في المأمور به ومتعلق الأمر.
وأما إن تعلق الأمر بما لم يؤخذ فيه هذه الشرائط ومع ذلك كان المسمى لألفاظها مشروطا بهذا القسم من الشرائط أيضا فلا محذور كما لا يخفى.
والتحقيق: أن تعيين محل النزاع بإقامة البرهان على أن جريانه في ذلك المورد موجب للقول بما قام البرهان على امتناعه غير صحيح، فإن لمن لم يلتفت إلى البرهان المذكور أو لا يرى صحته أن ينازع فيه أيضا وهو أمر واضح، بل لا طريق لتعيين محل النزاع والخلاف إلا الرجوع إلى كلمات المتنازعين، لكي يفهم منها مورد نزاعهم إطلاقا وتقييدا.