معنى اللفظ كان من حاق اللفظ الذي لا يتصور إلا أنه مستند إلى الوضع.
ثم إن هذا الاتحاد إذا كان وحدة مفهومية وبالحمل الأولي فصحته كاشفة عن المعنى الموضوع له، وعدم صحته يكشف عن أن المعنى المشكوك في وضع اللفظ له ليس معناه الحقيقي، وإذا كان اتحادا وجوديا في المصداق وبالحمل الشائع الصناعي فصحته تكشف عن أن المصداق المذكور فرد حقيقي للمعنى الموضوع له، وأن إطلاق اللفظ بما له من المعنى الحقيقي إطلاق على نحو الحقيقة، من دون فرق فيه بين ما يعبر عنه بالمصداق الذاتي وغيره.
توضيحه: أن إطلاق معنى كلي على فرد واتحاده معه في الوجود تارة بلحاظ المقومات الذاتية التي لهذا الفرد، كأن يقال: البياض أبيض، فإن وجدان البياض لنفس ذاته هو الموجب لصدق هذا المشتق عليه. وأخرى بلحاظ عروض أمر خارج عن الذات عليه، كما يقال: الجص أبيض والماء بارد، فإن عروض كيف البياض والبرودة هو الموجب لصدق عنوان الأبيض والبارد. ومن المعلوم أن مفهوم المشتق عند العرف لا يختص بخصوص الفرد الذاتي، بداهة أن صدق المشتقات على الذوات المتصفة بالاعراض الزائدة على الذات كما في قولنا:
" زيد قائم، أو جالس، أو نائم، أو متكلم، أو ماش... إلى غير ذلك " لا يحتاج إلى ادعاء ولا تأويل بل المعنى المفهوم من حاق ألفاظها يصدق عليه بلا أي تأويل، وهو شاهد على عدم اختصاص معناها الحقيقي بخصوص ما اصطلح عليه بالأفراد الذاتية.
ومنه تعرف أن عن سيدنا الأستاذ الإمام الراحل (قدس سره) " من أن الحمل الشائع لا يكون علامة إلا إذا كان شائعا ذاتيا كاشفا عن المصداق الحقيقي، لا عرضيا " مما لا يمكن تصديقه، فيسقط حينئذ ما استنتج منه من عدم إمكان استكشاف المعنى الحقيقي إلا بعد علمه بأن الحمل حمل شائع ذاتي، ومع العلم به فقد علم المعنى الحقيقي بلا حاجة إلى الحمل، فراجع (1).