النهي، بداهة أن انتفاء الطبيعة بانتفاء جميع الافراد، فهكذا النفي المفهومي حرفا بحرف.
ومنه تعرف أن القول بالمفهوم هنا أيضا غير موقوف على اجراء مقدمات الإطلاق في ناحية الحكم، واثبات أن المعلق على الغاية هو مطلق وجوب الموضوع مثلا - كما في المقالات وربما يتفوه به غيره - اللهم! إلا أن نقول:
بانحصار طريق اثبات المفهوم مطلقا، وفي جميع المفاهيم بذلك، لكن قد عرفت ما فيه في بعض تنبيهات مفهوم الشرط.
وبعد فعندي في ما أفاده الكفاية اشكال، لعدم الجزم بالتبادر المذكور، وأن المتيقن من التعليق على الغاية هو تعليق حكم القضية لا طبيعته حتى يستلزم ما أفاد.
وأما برهانه الآخر فمرجعه لغوية التقييد لو لم يكن مفهوم، وفيه: أن التقييد كان لغوا لو لم يكن للغاية دخل في حكم القضية أيضا، ولا ينبغي الريب في ظهور ذكر الغاية في أن لما قبلها دخلا وخصوصية، وأما أن أمرا آخر لا يقوم مقامه فمما لا دلالة عليه، ولذلك فإذا قال المولى لعبده: " تعاهد دار زيد ما دام هو في السفر كل يوم مرة إلى أن يجئ من السفر ". ثم قال بدليل منفصل: " كل ما امرك به زيد فهو واجب عليك عني " فأمره زيد بعد أن جاء من السفر بتعاهد داره كل يوم مرة، ففي هذا المثال وإن كان نسبة القضية الثانية إلى مفهوم الأولى - على تقدير أن يكون لها مفهوم - عموما من وجه، لكن العرف لا يشك في وجوب العمل بعموم الثانية ولا يراه معارضا لمفهوم الأولى أصلا، وهو دليل على عدم ثبوت المفهوم.
ثم إنه لو قلنا: بالمفهوم من طريق صاحب المقالات، فبيانه أن تعلق الحكم بموضوعه بماله من القيود، وإن كان لا اطلاق فيه، مثلا، إذا قال: أكرم زيدا العالم كل يوم مرة إلى آخر الشهر، فالوجوب وإن كان مهملا من ناحية تعلقه بالوصف، بمعنى أن المعلق على الوصف مهملة وجوب اكرام زيد، لا مطلق وجوب اكرام زيد حتى يوجب انتفائه بانتفاء الوصف، إلا أن هذا الاهمال أو الاطلاق لما كان من