تسديد الأصول - الشيخ محمد المؤمن القمي - ج ١ - الصفحة ٥٠٢
الأفراد كلها، فراجع وتذكر.
ثم إن النكرة حيث كان مدلولها هو الطبيعة بقيد الوحدة، فمدلولها أيضا معنى واحد كلي، لم ير فيه إلا نفس الطبيعة مقيدة بالوحدة فقط، فنفيها أيضا يقتضي انتفاء جميع الأفراد بعين البيان السابق (1). هذا.
ثم إن المتبادر عرفا من جميع ألفاظ العموم هو جميع الأفراد، كان المتكلم بصدد بيان تمام المراد أم لا، فلفظ كل عالم أو العلماء مفاده عرفا جميع المصاديق من غير دخل لكون المتكلم به في مقام البيان أصلا، والشاهد هو التبادر العرفي، وبعدما كان مفادها العموم فلا يصح ولا يجوز استعمالها إلا لمن كان موضوع حكمه جميع أفراد المعنى.
كما أن العرف شاهد على فهم العموم من الجمع المحلى باللام، لا من باب دلالة اللام على الاستغراق، بل الظاهر أن اللام لا يفيد في شئ من الموارد شيئا، وليس فائدته إلا الزينة والمنع من دخول التنوين التي تدل على الوحدة، الموجبة لإرادة فرد واحد في أسماء الأجناس. وجماعة واحدة في الجموع، فإذا لم يكن تنوين يستفاد من أسماء الجنس نفس الطبيعة، ومن الجموع جميع مصاديق مفردها، وإلا فاللام نفسه لا يدل على العموم، ولذلك ترى مرادفها بالفارسية - مثلا - يدل على العموم، ولا لام ولا شئ آخر إلا الجمع، فراجع لفظ " دانايان "، " دانشمندان " ونحوهما.

(1) بل الحق ان النكرة التي معناها فرد واحد من الطبيعة، إذا وقعت تلو النهي أو النفي، فظهورها تعلق النهي أو النفي بجميع أفراد هذه الطبيعة، فصح عدها من أداة العموم فإن العام لفظ يدل على جميع أفراد المعنى، لكنه لا يحتاج في إفادة العموم إلى القاعدة العقلية الحاكمة بأن انتفاء الطبيعة إنما يكون بانتفاء جميع الأفراد، كما لا يحتاج إلى إجراء مقدمات الحكمة.
وأما الجنس الواقع تلوهما فمفاده نفي نفس الطبيعة لا نفي الأفراد، ونفيها إنما يكون بانتفاء جميع أفرادها، فهو محتاج إلى هذه القاعدة، وإن لم يحتج إلى مقدمات الحكمة، وحيث إن مفاده ليس التعرض للأفراد، فلا يصح عده من أداة العموم. (منه عفي عنه).
(٥٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 496 497 499 500 501 502 503 504 505 506 507 ... » »»
الفهرست