وأما استلزامه واقعا لنفي الاستحقاق عن غيره تعالى، فلا يكفي في تمامية الإيمان ما لم يقر به هذا. مضافا إلى أنه يمكن أن يقال: إن الواجب هو اعتقاد أن المعبود والخالق منحصر فيه تعالى، ولا يعتبر أن يعتقد امتناع الشريك، وإنما يعتبر اعتقاد عدمه، وإن كان اعتقاد امكان الشريك مضرا بالتوحيد، فتدبر.
ثم إن الظاهر من إلا الاستثنائية وغيرها من أدوات الاستثناء أنها راجعة إلى نفس المستثنى منه، وتخرج المستثنى من المستثنى منه، غاية الأمر أن هذا الاستثناء والاخراج بلحاظ الحكم المذكور في القضية، فهو وإن كان تحديدا للموضوع، إلا أن ظاهره، أن هذ التحديد بلحاظ الحكم، وأن المستثنى محكوم بخلاف الحكم المذكور، لا أنه مسكوت عنه، فالإتيان بالاستثناء دليل على أن الحكم المتعلق في ظاهر القضية بالمستثنى منه الظاهر في شموله لجميع الافراد لم يسند بحسب الجد والحقيقة الا إلى ما عدا المستثنى، لا أنه يسند الحكم حقيقة إلى الجميع ثم يخرج عنه ما بعد إلا.
وبالجملة: فالظاهر أن الاسناد إنما يكون بحسب الإرادة الجدية بعد الاستثناء، والإخراج، وإن كان عن الموضوع، إلا أنه بلحاظ الحكم يدل على المفهوم.
هذا هو مقتضى ظاهر أداة الاستثناء بحسب المتفاهم العرفي، ومنه تعرف أن ما في تقريرات المحقق النائيني (قدس سره) من أنه لا اشكال في أن مثل " إلا " يفيد حصر الحكم لا الموضوع، وأن الإخراج إنما هو بعد الاسناد مما لا نقدر على تصديقه، فراجع (1).
ثم إن مثل " إلا " لا يدل إلا على خروج المستثنى عن المستثنى منه، فلا محالة يكون ثبوت الحكم المخالف له بالمفهوم، فإن لازم خروجه عما سبقه بلحاظ الحكم محكوميته بنقيض حكمه، فالحكم المخالف لازم الخروج لا نفسه حتى يكون الدلالة منطوقية. هذا.